العربُ وأَنْ تَعْنِىَ ما عَنَوْا " بها ". فكما لم يجز أن يكون كلُّ حرف بمنزلة المنصوب الذى أنت فى حال ذكرك أياه تَعملُ فى إثباته وتزجيته، ولم يجز لك أن تَجعل المنصوبَ بمنزلة المرفوع. إلاّ أنَّ العرب ربَّما أجرتِ الحروفَ على الوجهينِ.
ومَثَلُ الرفع:" طُوبَى لَهُمْ وَحُسنُ مآبٍ "، يدلُّك على رفعها رفع حسن مآب. وأمَّا قوله تعالى جدُّه:" ويل يومئذ للمكذبين " و " ويل للمطففين "، فإِنّه لا ينبغى أن تقول إنّه دعاءٌ ههنا، لأنّ الكلام بذلك قبيح، واللفظ " به " قبيحٌ، ولكنّ العبادَ إنَّما كُلَّموا بكلامهم، وجاء القرآنُ على لغتهم وعلى ما يَعنون، فكأَنَّه واللهُ أعلمُ قيل لهم: وَيلٌ لِلْمُطَفَّفِينَ، ووَيْلُ " يَوْمَئِذٍ " لِلمُكَذَّبِينَ، أى هؤلاءِ ممن وجب هذا القولُ لهم، لأنَّ هذا الكلامَ إنّما يقال لصاحب الشر والهلكلة، فقيل: هؤلاء ممن دخل فى الشرّ والهلكة ووجَبَ لهم هذا.
ومِثل ذلك " قوله تعالى ": " فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ". فالعلمُ قد أتى من وراء ما يكون، ولكن اذهَبَا أنتما فى رَجائكما وطَمَعِكما ومبلغكما من العلم، وليس لهما أكثرُ من ذا ما لم يَعْلَما.