للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفةٌ فكأنه لفظ بمذكر ثم وصفه ولم يجعل الصفة تقوى قوة الاسم، فإنَّما تجيء كأنك لفظت بالمذكَّر ثم وصفته كأنَّك قلت: ثلاثة رجالٍ نسٍّاباتٍ.

وتقول: ثلاثة دواب إذا أردت المذكر لأنَّ أصل الدابة عندهم صفة، وإنما هي من دببت، فأجروها على الأصل وإن كان لا يتكلم بها إلاَّ كما يتكلم بالأسماء، كما أنَّ أبطح صفة واستعمل استعمال الأسماء.

وتقول: ثلاث أفراسٍ إذا أردت المذكر؛ لأنَّ الفرس قد ألزموه التأنيث وصار في كلامهم للمؤنث أكثر منه للمذكر، حتَّى صار بمنزلة القدم، كما أنَّ النَّفس في المذكر أكثر.

وتقول: سار خمس عشرة من بين يومٍ وليلةٍ؛ لأنك ألقيت الاسم على الليالي ثم بينت فقلت: من بين يومٍ وليلةٍ. ألا ترى أنك تقول: لخمسٍ بقين أو خلون ويعلم المخاطب أنَّ الأيام قد دخلت في الليالي فإذا ألقى الاسم على الليالي اكتفى بذلك عن ذكر الأيام، كما أنه يقول: أتيته ضحوة وبكرة فيعلم المخاطب أنَّها ضحوة يومك وبكرة يومك. وأشباه هذا في الكلام كثير، فإنَّما قوله من بين يومٍ وليلةٍ توكيدٌ بعد ما وقع على الليالي؛ لأنه قد علم أنَّ الأيام داخلة مع الليالي. وقال الشاعر، وهو النابغة الجعدي:

فطافتْ ثلاثاً بين يومٍ وليلةٍ ... يكونُ النَّكير أنْ تُضيفَ وتجأَرَا

<<  <  ج: ص:  >  >>