وقد زعم بعضهم أنّ ليس تجعل كما، وذلك قليل لا يَكادُ يُعْرَفُ، فهذا يجوز أن يكون منه: ليس خَلَقَ اللهُ أَشْعَرَ منه، وليس قالها زيد. قال حُمَيْدٌ الأرْقَطُ:
فأصْبَحُوا والنَّوىَ عالي مُعَرَّسِهِمْ ... وليسَ كل النوى يلقي المساكين
وقال هشام أخو ذى الرمة:
هي الشفاء لدائى لو ظفرت بها ... وليس منها شفاء الداءِ مَبْذولُ
هذا كلُّه سُمِعَ من العرب. والوجه والحدّ أن تَحْمِلَه على أَنّ فى ليس إضماراً وهذا مبتدأٌ، كقوله: إنَّه أمةُ الله ذاهبةٌ. إلاَّ أنَّهم زعموا أنَّ بعضهم قال: ليس الطَيبُ إلاّ المِسكُ، وما كانَ الطيبُ إلا المسكُ.
فإِن قلت: ما أنا زيدٌ لقيتُه، رفعتَ إلاّ فى قول من نَصَبَ زيداً لقيتُه لأنَّك قد فصَلتَ كما فصلت فى قولك: أنت زيدٌ لقيتَه. " وإن كانتْ ما التى هى بمنزلة ليس، فكذلك، كأنّك قلت: لستُ زيدٌ لقيتُه "، لأنّك شغلت الفعل " بأنا "، وهذا مبتدأٌ بعد اسم، وهذا الكلام فى موضع خبره، وهو فيه أقوى لأنَّه عاملٌ فى الاسم الذى بعده. وألفُ الاستفهام، وما فى لغة بنى تميم، يفصلنَ فلا يَعْمَلنَ. فإِذا اجتمع أَنك تَفصِلُ وتعمل الحرفَ فهو أقوى.