واعلم أن الذين قالوا رأيت عدا، الألف ألف نصبٍ، ويريد أن يضربها، يقولون: هو منا، وإنا إلى الله راجعون، وهم بنو تميم. وبقوله أيضاً قومٌ من قيس وأسدٍ ممن ترتضي عربيته فقال: هو منا وليس منهم وإنا لمختلفون، فجعلها بمنزلة رأيت عد، وقال هؤلاء: رأيت عنبا، وهو عندنا، فلم يميلوا لأنه وقع بين الكسرة والألف حاجزان قويان، ولم يكن الذي قبل الألف هاءً فتصير كأنها لم تذكر.
وقالوا: رأيت ثوبه بتكا فلم يميلوا.
وقالوا: في رجلٍ اسمه ذه: رأيت ذها، أملت الألف كأنك قلت: رأيت يدا في لغة من قال: يضربا ومر بنا، لقربها من الكسرة كقرب ألف يضربا.
واعلم أنه ليس كل من أمال الألفات وافق غيره من العرب ممن يميل، ولكنه قد يخالف كل واحد من الفريقين صاحبه، فينصب بعضٌ ما يميل صاحبه ويميل بعضٌ ما ينصب صاحبه، وكذلك من كان النصب من لغته لا يوافق غيره ممن ينصب، ولكن أمره وأمر صاحبه كأمر الأولين في الكسر. فإذا رأيت عربيا كذلك فلا ترينه خلط في لغته، ولكن هذا من أمرهم.