للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا قلت: أريد أن أعطيه حقه فنصبت الياء فليس إلا البيان والإثبات، لأنها لما تحركت خرجت من أن تكون حرف لينٍ، وصارت مثل غير المعتل نحو باء ضربه، وبعد شبهها من الألف، لأن الألف لا تكون أبداً إلا ساكنة، وليست حالها كحال الهاء، لأن الهاء من مخرج الألف، وهي في الخفاء نحو الألف ولا تسكنها.

وإن قلت: مررت بابنه، فلا تسكن الهاء كما أسكنت الميم.

وفرق ما بينهما أن الميم إذا خرجت على الأصل لم تقع أبداً إلا وقبلها حرفٌ مضموم، فإن كسرت كان ما قبلها أبداً مكسوراً. والهاء لا يلزمها هذا، تقع وما قبلها أخف الحركات نحو: رأيت جمله، وتقع وقبلها ساكن نحو: اضربه. فالهاء تصرف، والميم يلزمها أبداً ما يستثقلون. ألا تراهم قالوا في كبدٍ: كبدٌ، وفي عضدٍ: عضدٌ، ولا يقولون ذلك في جملٍ، ولا يحذفون الساكن في سفرجلٍ، لأنه ليس فيه شيءٌ من هذا.

واعلم أن من أسكن هذه الميمات في الوصل لا يكسرها إذا كانت بعدها ألف وصل، ولكن يضمها، لأنها في الأصل متحركة بعدها واو، كما أنها في الاثنين متحركة بعدها ألفٌ نحو غلامكما. وإنما حذفوا وأسكنوا استخفافاً، لا على أن هذا مجراه في الكلام وحده وإن كان ذلك أصله، كما تقول رادٌّ وأصله راددٌ. ولو كان كذلك لم يقل من لا يحصى من العرب: كنتمو فاعلين، فيثبتون الواو. فلما اضطروا إلى التحريك جاءوا بالحركة التي في أصل

<<  <  ج: ص:  >  >>