وأما الهمزتان فليس فيهما إدغام في مثل قولك، قرأ أبوك، وأقرىء أباك، لأنك لا يجوز لك أن تقول قرأ أبوك فتحققهما فتصير كأنك إنما أدغمت ما يجوز فيه البيان، لأن المنفصلين يجوز فيهما البيان أبداً، فلا يجريان مجرى ذلك. وكذلك قالته العرب وهو قول الخليل ويونس.
وزعموا أن ابن أبي إسحاق كان يحقق الهمزتين وأناسٌ معه. وقد تكلم ببعضه العرب وهو رديءٌ، فيجوز الإدغام في قول هؤلاء. وهو رديء.
ومما يجري مجرى المنفصلين قولك: اقتتلوا ويقتتلون، إن شئت أظهرت وبينت، وإن شئت أخفيت وكانت الزنة على حالها، كما تفعل بالمنفصلين في قولك: اسم موسى وقوم مالك، لا تدغم. وليس هذا بمنزلة احمررت وافعاللت، لأن التضعيف لهذه الزيادة لازمٌ، فصارت بمنزلة العين واللام اللتين هما من موضعٍ واحد في مثل يرد ويستعد، والتاء الأولى التي في يقتتل لا يلزمها ذلك، لأنها قد تقع بعد تاء يفتعل العين وجميع حروف المعجم.
وقد أدغم بعض العرب فأسكن لما كان الحرفان في كلمة واحد، ولم يكونا منفصلين، وذلك قولك: يقتلون وقد قتلوا، وكسروا القاف لأنهما التقيا، فشهت بقولهم رد يا فتى. وقد قال آخرون: قتلوا، ألقوا حركة المتحرك على الساكن. وجاز في قاف اقتتلوا الوجهان ولم يكن بمنزلة عض وفر يلزمه شيءٌ واحد، لأنه يجوز في الكلام فيه الإظهار والإخفاء، والإدغام. فكما جاز فيه هذا في الكلام وتصرف دخله شيئان يعرضان في التقاء الساكنين.
وتحذف ألف الوصل حيث حركت القاف كما حذفت الألف في رد