الأشياء ما أَضْمر من الفعل، فقال: اضربْ زيدا، واشتمْ عمرا، ولا توطِئ الصبىَّ، واحذَر الجدار، ولا تَقرب الأسدَ. ومنه أيضاً قوله: الطريق الطريقَ، إنْ شاء قال: خَلَّ الطريقَ، أو تَنَحَّ عن الطريق. قال جرير:
خَلَّ الطريقَ لمن يَبْنِى المَنارَ به ... وابرُزْ بِبَرْزَةَ حيث اضطَرَّكَ القَدَرُ
ولا يجوز أن تُضْمِرَ تَنَحَّ عن الطريق، لأنّ الجارّ لا يُضْمَرُ، وذلك أنَّ المجرورَ داخلٌ فى الجارّ غيرُ مُنفَصِلٍ، فصار كأنه شيء من الاسم لأنه مُعْاقِبٌ للتنوين، ولكنَّك إن أضمرتَ أضمرتَ ما هو فى معناه ممّا يَصِلُ بغير حرفِ إضافةٍ، كما فعلتَ فيما مضى.
واعلم أنّه لا يجوز أن تقول: زيدٌ، وأنت تريدُ أن تقول: لِيُضْرَبْ زيدٌ، أو لِيَضْرِبْ زيدٌ إذا كان فاعلا، ولا زيداً، وأنت تريد ليَضرب عمرو زيداً. ولا يجوز: زيدٌ عمرا، إذا كنتَ لا تُخاطِبُ زيداً، إذا أردتَ لِيَضْرِب زيدٌ عمراً وأنت تخاطِبُنى، فإِنَّما تريد أَنْ أُبْلِغَه أنا عنك أنك قد أمرته أن يضرب عمراً، وزيدٌ وعمروٌ غائبانِ، فلا يكون أن تُضْمِرَ فِعْلَ الغائبِ. وكذلك لا يجوز زيدا، وأنت تريد أن أُبْلِغَه أنا عنك أن يَضْرِبَ زيداً؛ لأنك إذا أضمرتَ فعل الغائب