أولاً، ثم قروت شيئاً بعد شيء لأَثمانٍ شتَّى. فالواوُ لم تُرِدْ فيها هذا المعنى، ولم تلزم الواو الشيئين أَنْ يكون أحدُهما بعد الآخَر. ألا ترى أنك إذا قلت: مررت بزيد وعمرو، لم يكن في هذا دليل أنك مررت بعمرو بعد زيد. وصاعد بدل من زاد ويزيد.
ومما يَنتصب فى غير الأمر والنهى على الفعل المتروك إظهارُه قولك: يا عبد الله، والنَّداءُ كلُّه. وأَمّا يا زيدُ فله عِلَّةٌ ستراها فى باب النَّداء إن شاء الله تعالى، حذفوا الفعلَ لكثرة استعمالهم هذا فى الكلام، وصار يَا بدلا من اللَّفظ بالفعل، كأَنه قال: يَا، أُريدُ عبدَ الله، فحذَف أُريدُ وصارت يا بدلاً منها، لأنّك إذا قلت: يا فلانُ، علم أنك تريده.
ومما يدلك على أنّه يَنتصب على الفعل وأنّ يا صارت بدلا من اللفظ بالفعل، قولُ العرب: يا إيّاك، إنما قلتَ: يا إيّاك أَعْنى، ولكنَّهم حذفوا الفعلَ وصار يا وأَيَا وأَىْ بَدَلاً من اللفظ بالفعِل.
وزعم الخليل رحمه الله أنّه سمعَ بعضَ العرب يقول: يا أنت. فزعَم أنهم جعلوه موضعَ المفرد. وإن شئت قلت: يا فكان بمنزلة يا زيد، ثم تقول: إياك. أى إيَّاكَ أعنى. هذا قول الخليل رحمه الله فى الوجهين.