فلك أبٌ، لكان على قوله: فلك به أبٌ أو فيه أبٌ، وإنما يريد بقوله: فيه أبٌ مَجرى الأب على سعة الكلام، وليس إلى النصب ههنا سبيل.
وإنَّما جاز النصبُ فى العبيدِ حين لم يَجعلهم شيئاً معروفا بعينه لأنه يشبّهه بالمصدر، والمصدر قد تَدخله الألفُ واللام ويَنتصب على ما ذكرتُ لك. فإذا أردتَ شيئاً بعينه وكان هو الذي تلزمه الإشارة، جرى مجرى زيد وعمرو وأبيك.
وأمَّا قول الناس للرَّجلِ: أَمّا أن يكون عالما فهو عالمٌ، وأَمَّا أن يَعلم شيئاً فهو عالمٌ، فقد يجوز أن تقول: أَمَّا أَنْ لاَ يكونَ يَعلمُ فهو يَعلم وأنت تريد " أَنْ " يكونَ، كما جاءَتْ:" لئلا يعلم أهل الكتاب " فى معنَى لأَنْ يَعلَم أهلُ الكتاب. فهذا يُشْبِهُ أن يكونَ بمنزلة المصدر، لأنَّ أنْ مع الفعل الذى يكون صلةً بمنزلة المصدر، كأنك قلت: أما علما وأماكينونة علم فأنت عالمٌ. ألا ترى أنَّك تقول: أنت الرجل أن تنازل أو " أن " تخاصم، كأنك قلت نِزالاً وخُصومةٌ، وأنت تريد المصدر الذى فى قوله فَعَلَ ذاك مَخافةَ ذاك. ألا ترى أنك تقول: سكتُّ عنه أَنْ أجْتَرَّ مودته، كما تقول: اجترار مودَّته. ولا تقع أنْ وصِلتُها حالاً يكونُ الأوّلُ فى حالِ وقوعِهِ، لأنَّها إنما تُذْكَرُ لما لم يَقع بعدُ. فمن ثم أُجريَت مُجرى المصدر الأول الذي هو جواب لمه؟