للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على بَدئى، أى رجعتُ كما جئتُ.. فالمجئُ موصولٌ به الرجوعُ، وهو بَدءٌ والرجوعُ عَوْدٌ.

ولا يجوز أن تقول: بعتُ دِارى ذراعا، وأنت تريد بدرهم، فيُرَى المخاطَبُ أنَّ الدار كلَّها ذراعٌ. ولا يجوز أن تقول: بعتُ شائى شاةً شاةً، وأنت تريد بدرهم، فيُرَى المخاطَبُ أَنَّك بعتها الأوّلَ فالأولَ على الوِلاءِ. ولا يجوز أن تقول: بيّنتُ له حِسابَه باباً، فيُرَى المخاطَب أنك إنما جعلت له حسابه باباً واحدا غيرَ مفسَّرٍ. ولا يجوز تَصدّقتُ بمالى درهماً، فيُرَى المخاطَبُ أنك تَصدّقت بدرهم واحد. وكذلك هذا وما أشبهه.

وأمّا قول الناس: كان البُرُّ قَفيزَيْنِ، وكان السَّمْنُ مَنَوَينِ، فإنما استغنوا هاهنا عن ذكر الدَّرهم لِما فى صدورهم من عِلمه، ولأنَّ الدرهم هو الذى يسعَّر عليه، فكأنّهم إنّما يَسألون عن ثمن الدرهم فى هذا الموضع، كما يقولون: البربستين، وتركوا ذكر الكُرَّ؛ استغناءً بما فى صدورهم من عِلمه، وبعلم المخاطَب، لأنَّ المخاطب قد علم ما يَعنى، فكأَنّه إنّما يَسأل هنا عن ثمن الكُرّ كما سألَ الأوّلُ عن ثمن الدرهم. وكذلك هذا وما أشبهه فأَجْرِه كما أجرتْه العربُ.

وزعم الخليل أنه يجوز: بعتُ الشاءَ شاةٌ ودرهمٌ، إنَّما يريد شاةً بدرهمٍ، ويَجعل بدرهمٍ خبراً للشاة وصارت الواوُ بمنزلة الباء فِى المعنى، كما كانت فى قولك: كلُّ رَجُلٍ وضيعتُه، فى معنى مع.

<<  <  ج: ص:  >  >>