آل فلان لم يجز، لأنّه إنما وقع في كلامهم نفْياً عاماً. يقول الرجلُ: أتاني رجلٌ، يريد واحداً في العدد لا اثنين فيقال: ما أتاك رجلٌ، أي أتاك أكثرُ من ذلك، أو يقول أتاني رجلٌ لا أمرأةٌ فيقال: ما أتاك رجل، أي امرأة أتتْك. ويقول: أتاني اليومَ رجلٌ، أي في قوّته ونفاذه، فتقُول: ما أتاك رجلٌ، أي أتاك الضُّعفاءُ. فإذا قال: ما أتاك أحدٌ صار نفياً " عامّا " لهذا كلَّه، فإنما مجراه في الكلام هذا. ولو قال: ما كان مثلُك أحداً، أو ما كان زيدٌ أحداً كان ناقضاً؛ لأنه قد عُلمَ أنه لا يكون زيدٌ ولا مثلُه إلاّ من الناس. ولو قلتَ ما كان مثلَك اليومَ أحدٌ فإِنّه يكون أن لا يكون في اليوم إنسانٌ على حاله، إلاَّ أن تقول: ما كان زيدٌ أحداً، أي من الأحَدِينَ. وما كان مثلك أحد على وجه تصغيره، فَتصير كأنَّك قلت: ما ضَرَبَ زيدٌ أحداً وما قَتلَ مثلُك أحداً.
والتقديمُ والتأخيرُ في هذا بمنزلته في المعرفة وما ذكرتُ لك من الفعل. وحسنُتِ النّكرةُ " ههنا " في هذا الباب لأنّك لم تجعلِ الأعرفَ في موضع الأنكرِ، وهما مُتكافِئان كما تكافأتِ المعرفتان، ولأنّ المخاطَبَ قد يَحتاج إلى عِلم ما ذكرتُ لك وقد عَرَفَ من تَعْنِى بذلك كمعرفتك.
وتقول: ما كان فيها أحدٌ خيرٌ منك، وما كان أحدٌ مثلُك فيها، وليس أحدٌ فيها خيرٌ منك، إذا جعلتَ فيها مستقَرَّا ولم تَجعلْه على قولك فيها زيدٌ قائم، أَجريتَ الصفة على الاسم. فإن جعلتَه على قولك فيها زيدٌ