للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا كلامٌ أكثر ما يكون في الشعر وأقل ما يكون في الكلام.

واعلم أنه لا يقال قائما فيها رجلٌ. فإن قال قائل: أجعله بمنزلة راكبا مر زيدٌ، وراكبا مر الرجلُ، قيل له: فإنه مثله في القياس، لأن فيها بمنزلة مر، ولكنهم كرهوا ذلك فيما لم يكن من الفعل، لأن فيها وأخواتها لا يتصرفن تصرف الفعل، وليس بفعل، ولكنهن أنزلن منزلة ما يستغنى به الاسم من الفعل. فأجرِه كما أجرته العرب واستحسنتْ.

ومن ثم صار مررت قائما برجل لا يجوز، لأنه صار قبل العامل في الاسم، وليس بفعل، والعامل الباء. ولو حسن هذا لحسن قائما هذا رجل.

فإن قال: أقول مررت بقائما رجل، فهذا أخبث، من قبل أنه لا يُفصل بين الجار والمجرور، ومن ثم أُسقط رُبّ قائما رجلٍ. فهذا كلام قبيح ضعيف؛ فاعرفْ قبحه، فإن إعرابه يسير. ولو استحسناه لقلنا هو بمنزلة فيها قائما رجل، ولكن معرفة قبحه أمثل من إعرابه.

وأما بك مأخوذٌ زيد فإنه لا يكون إلا رفعا، من قبل أن بك لا تكون مستقرا لرجل. ويدلك على ذلك أنه لا يستغنى عليه السكوت. ولو نصبت هذا لنصبت اليوم منطلقٌ زيدٌ، واليومَ قائمٌ زيد.

وإنما ارتفع هذا لأنه بمنزلة مأخوذ زيد. وتأخير الخبر على الابتداء أقوى، لأنه عاملٌ فيه.

ومثل ذلك: عليك نازلٌ زيد؛ لأنك لو قلت: عليك زيد، وأنت تريد النزول، لم يكن كلاماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>