وكذلك المتكلم، لا يجوز له أن يقول أهلكتُني ولا أُهلكُني لأنه جعل نفسه مفعولة فقبُح؛ وذلك لأنهم استغنوا بقولهم أنفعُ نفسي عن نى، وعن إياي.
وكذلك الغائب لا يجوز لك أن تقول ضربة إذا كان فاعلا وكان مفعوله نفسه؛ لأنهم استغنوا عن الهاء وعن إياه بقولهم ظلم نفسه وأهلك نفسه، ولكنه قد يجوز ما قبح ها هنا في حسبتُ وظننت وخلتُ، وأُرى وزعمتُ، ورأيت إذا لم تعنِ رؤية العين، ووجدتُ إذا لم ترد وجدان الضالة، وجميع حروف الشك، وذلك قولك: حسبتُني وأرانى ووجدتُني فعلت كذا وكذا، ورأيتُني لا يستقيم لي هذا. وكذلك ما أشبه هذه الأفعال، تكون حال علامات المضمَرين المنصوبين فيها إذا جعلت فاعليهم أنفسهم كحالها إذا كان الفاعل غير المنصوب.
ومما يثبت علامة المضمَرين المنصوبين ها هنا أنه لا يحسن إدخال النفس ها هنا. لو قلت يظن نفسه فاعلة وأظن نفسى فاعلةً على حد يظنه وأظنني ليُجزئَ هذا من ذا لم يُجزئ كما أجزأ أهلكتَ نفسك عن أهلكتَك، فاستُغنى به عنه.