وتقول: أمّا جهذ رأيي فأنَّك ذاهبٌ؛ لأنَّك لم تصطَّرَّ إلى أن تجعله ظرفاً كما اضطررت في الأول. وهذا من مواضع إنَّ، لأنَّك تقول: أما في رأيي فإنَّك ذاهب، أي فأنت ذاهب، وإن شئت قلت فأنَّك. وهو ضعيف؛ لأنَّك إذا قلت: أما جهد رأيي فإنك عالمٌ لم تضطر إلى أن تجعل الجهد ظرفاً للقصة، لأنَّ ابتداء إنَّ يحسن ها هنا.
وتقول: أما في الدار فإنك قائمُ، لا يجوز فيه إلاَّ إنَّ، تجعل الكلام قصةً وحديثاً، ولم ترد أن تخبر أن في الدار حديثه، ولكنَّك أردت أن تقول: أما في الدار فأنت قائمٌ فمن ثم لم يعمل في أي شيء أردت أن تقول. أما في الدار فحديثك وخبرك قلت: أما في الدار فأنك منطلقٌ، أي هذه القصَّة.
ويقول الرجل: ما اليوم؟ فتقول: اليوم أنَّك مرتحلٌ، كأنَّه قال: في اليوم رحلتك. وعلى هذا الحد تقول: أما اليوم فأنَّك مرتحلٌ.
وأما قولهم: أما بعد فإنّ الَّله قال في كتابة، فإنه منزلة قولك: أما اليوم فإنَّك، ولا تكون بعد أبداً مبنياً عليها إذا لم تكن مضافةً ولا مبنية على شيء، إنَّما تكون لغوا.
وسألته عن شدَّ ما أنَّك ذاهٌب، وعزَّ ما أنَّك ذاهبٌ، فقال: هذا بمنزلة حقاً أنك ذاهٌب، كما تقول: أما أنك ذاهبٌ، بمنزلة حقاً أنَّك ذاهبٌ. ولو بمنزلة لولا، ولا تبتدأ بعدها الأسماء سوى أنَّ، نحو لو أنك ذاهبٌ. ولولا تبتدأ