للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هنا تعارض الوصل والإرسال، ومثله تعارض الوقف والرفع، يقول: "وبحث الشيخ أبو عمروٍ هاهنا فيما إذا أسند الراوي ما أرسله غيره، فمنهم من قدح في عدالته بسبب ذلك، إذا كان المخالف له أحفظ منه أو أكثر عدداً، ومنهم من رجح بالكثرة أو الحفظ، ومنهم من قبل المسنِد مطلقاً إذا كان عدلاً ضابطاً، وصححه الخطيب وابن الصلاح، وعزاه إلى الفقهاء والأصوليين، وحكى عن البخاري أنه قال: الزيادة من الثقة مقبولة"، وهذا سيأتي في زيادات الثقات، يأتي هذا البحث في النوع السابع عشر، على كل حال نشير إلى مسألة اختلاف الوصل مع الإرسال، ومثلها اختلاف الرفع مع الوقف، إذا روي الخبر مرسلاً وروي من طريقٍ آخر مسند، أو روي موقوفاً ومن طريقٍ آخر مرفوعاً، فمنهم من يقول: الحكم لمن وصل ولمن رفع؛ لأن مع من وصل زيادة علم خفيت على من أرسل، والزيادة من الثقة مقبولة، وهذا كل فرع عما سيأتي في الكلام على زيادة الثقة، يقول: من وصل معه زيادة علم وزيادة الثقة مقبولة، ومنهم من يقول: لا، الحكم لمن أرسل ولمن وقف؛ لأن الإرسال هو المتيقن، والوصل مشكوك فيه، ومثله الوقف والرفع، الوقف متيقن والرفع مشكوك فيه، وهو الجادة أيضاً، وكثيراً ما يقول الخطأ في سلوك الجادة، ولذا منهج بعضهم أنه إذا اختلفت الجادة مع غيرها صحح الغير ترك الجادة، يعني لما يأتي الحديث من حديث مالك عن نافع عن ابن عمر، أو مالك عن نافع عن ابن عباس يقول: لا، الصواب عن ابن عباس؛ لأن الراوي من كثر ما يسمع مالك عن نافع عن ابن عمر ارتكب هذه الجادة، والثاني لولا أنه متيقن ومتأكد ما طاوعه لسانه أن يقول: مالك عن نافع عن ابن عباس، هذا مسلك لبعض أهل العلم، ويستشف من صنيع أبي حاتم والدارقطني.

فالقول الأول في تعارض الوصل مع الإرسال: أن الحكم لمن وصل؛ لأن معه زيادة علم خفيت على من أرسل، القول الثاني: أن الحكم لمن أرسل؛ لأن الإرسال هو المتيقن والوصل مشكوك فيه، والقول الثالث: أن الحكم للأحفظ، إذا كان أحدهم أحفظ من الآخر حكم له، والقول الرابع: أن الحكم للأكثر، إذا كان رواة الإرسال أكثر حكم له، إذا كان رواة الوصل أكثر حكم لهم.

واحكم لوصل ثقةٍ في الأظهرِ ... وقيل: بل إرساله للأكثرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>