وهو متفاوت في نظر الحفاظ في محاله، ولهذا أطلق بعضهم أصح الأسانيد على بعضها، فعن أحمد وإسحق: أصحها: الزهري عن سالم عن أبيه، وقال علي بن المديني والفلاس: أصحها محمد بن سيرين عن عَبيدة عن علي، وعن يحيى بن معين: أصحها الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود، وعن البخاري: مالك عن نافع عن ابن عمر، وزاد بعضهم: الشافعي عن مالك إذ هو أجلّ من روى عنه.
هو متفاوت في نظر الحفاظ في محاله، قد يشترك أحاديث في الصحة، وبعضها أصحّ من بعض، وكلها حجج يجب العمل بها، لكن يستفاد من هذا التفاوت عند المعارضة فيقدم الأصح على الصحيح، ولذا ذكر أهل العلم أصح الأسانيد، وإن كان الأولى أن لا يحكم على سندٍ ما بأنه أصح مطلقاً؛ لأنه قد يعرض للمفوق ما يجعله فائقاً، والحافظ العراقي -رحمه الله-.
والمعتمد إمساكنا عن حكمنا على سندْ ... بأنه أصح مطلقاً وقدْ
خاض به قوم فقيل مالكُ ... عن نافع بما رواه الناسكُ
... الخ، ولا شك أن مثل هذا وإن قال به كبار الأئمة، الإمام البخاري له قول، الإمام أحمد له قول، النسائي، الفلاس، يحيى بن معين وغيره لهم أقوال في هذه المسألة؛ لكن لا شك أن هذا قول منتقد، لذا إذا أردنا أن نأتي إلى ما اختاره الإمام البخاري مثلاً: مالك عن نافع عن ابن عمر، مالك نجم السنن؛ لكن هل كل ما رواه الإمام مالك أرجح مما رواه غيره في كل حديث حديث؟ ألم تضبط للإمام مالك بعض الأخطاء؟ في باب الشاذ ومالك سمى ابن عثمان عمر، لم يوافق على ذلك، مالك عن نافع، نافع ضابط متقن لكن الأكثر على أن سالماً ابن عبد الله بن عمر أجلّ من نافع، ابن عمر، هل هو أضبط من أبيه؟ أو أوثق من أبيه؟ فمن هنا أوتي ودخل على هذه الأقوال.