فإن كان المراد بلفظ التوراة والإنجيل في القرآن هذا المعنى، فلا ريب أنّ ذكر النبي صلى الله عليه وسلّم في التوراة بهذا الاعتبار، كثير متعدد ( ... ) .
الطريق الثاني من الجواب: أن نبين أن الأنبياء قبله، بشروا به. وهذا هو دليل مستقل على نبوته وعلم عظيم من أعلام رسالته. وهذا أيضا يدل على نبوة ذلك النبي، إذ أخبر بأنباء من الغيب مع دعوى النبوة. ويدل على نبوة محمد لإخبار من تثبت نبوته بنبوته، هذا إذا وجد الخبر ممن لا نعلم نحن نبوته ولم يذكر في كتابنا.
وأما من ثبتت نبوته بطرق أخرى، كموسى والمسيح، فهذا مما تظاهر فيه الأدلة على المدلول الواحد، وهو أيضا يتضمن أن كل ما ثبتت به نبوة غيره، فإنه تثبت به نبوته، وهو جواب ثان، لمن يجعل ذلك شرطا لازما لنبوته. "
يجيب عن السؤال الثاني الإمام المجدد، شيخ الإسلام ابن القيم في كتابه الموسوم ب" هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى" بقوله، تحت عنوان" إثنا عشر وجها تدلّ على أنه (محمد صلى الله عليه وسلم) مذكور في الكتب المنزلة: "
العلم بأنه صلى الله عليه وسلم مذكور في الكتب المتقدمة يعرف من وجوه متعددة:
أحدها: أخبار من قد ثبتت نبوته قطعا بأنه مذكور عندهم في كتبهم فقد أخبر به من قام الدليل القطعي على صدقه فيجب تصديقه فيه إذ تكذيبه والحالة هذه ممتنع لذاته هذا لو لم يعلم ذلك إلا من مجرد خبرة فكيف إذا تطابقت الأدلة على صحة ما أخبر به.
الثاني: أنه جعل الإخبار به من أعظم أدلة صدقه وصحة نبوته وهذا يستحيل أن يصدر إلا من واثق كل الوثوق بذلك وأنه على يقين جازم به.