الثالث: أن المؤمنين به من الأحبار والرهبان الذين آثروا الحق على الباطل صدقوه في ذلك وشهدوا له بما قال.
الرابع: أن المكذبين والجاحدين لنبوته لم يمكنهم إنكار البشارة والأخبار بنبوة نبي عظيم الشأن صفته كذا وكذا وصفة أمته ومخرجه وشأنه لكن جحدوا أن يكون هو الذي وقعت به البشارة وأنه نبي آخر غيره وعلموا هم والمؤمنون به من قومهم أنهم ركبوا متن المكابرة وامتطوا غارب البهت.
الخامس: أن كثيرا منهم صرح لخاصته وبطانته بأنه هو هو بعينه وأنه عازم على عداوته ما بقي كما تقدم.
السادس: أن إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأنه مذكور في كتبهم هو فرد من أفراد اخباراته بما عندهم في كتبهم من شأن أنبيائهم وقومهم وما جرى لهم وقصص الأنبياء المتقدمين وأممهم وشأن المبدأ والمعاد وغير ذلك مما أخبرت به الأنبياء وكل ذلك مما يعلمون صدقه فيه ومطابقته لما عندهم وتلك الاخبارات أكثر من أن تحصى ولم يكذبوه يوما واحدا في شيء منها وكانوا أحرص شيء على أن يظفروا منه بكذبة واحدة أو غلطة أو سهو فينادون بها عليه ويجدون بها السبيل إلى تنفير الناس عنه فلم يقل أحد منهم يوما من الدهر انه أخبر بكذا وكذا في كتبنا وهو كاذب فيه بل كانوا يصدقونه في ذلك وهم مصرون على عدم إتباعه وهذا من أعظم الأدلة على صدقه فيما أخبر به لو لم يعلم إلا بمجرد خبره.
السابع: أنه أخبر بهذا لأعدائه من المشركين الذين لا كتاب عندهم وأخبر به لأعدائه من أهل الكتاب وأخبر به لأتباعه فلو كان هذا باطلا لا صحة له لكان ذلك تسليطا للمشركين أن يسألوا أهل الكتاب فينكرون ذلك وتسليطا لأهل الكتاب على الإنكار وتسليطا لاتبعاه على الرجوع عنه والتكذيب له بعد تصديقه وذلك ينقض الغرض المقصود بإخباره من كل وجه وهو بمنزلة رجل يخبر بما يشهد بكذبه ويجعل