للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإشارة إلى مصر في هذه النبوءة لها صلة بالعلاقة بين بني إسرائيل ومصر، إذ أنّ أهل مصر قد ساءت علاقتهم ببني إسرائيل وأنبيائهم، وكان من المنتظر أن يكون النبي الآتي منتقما من أهل مصر لا مكرّما لهم. فكان أن نبّه الله سبحانه بني إسرائيل ومن بعدهم من الأمم أنّ هذا النبيّ لن يكون عدوا لمصر، بل سيكون رحمة بها وبأهلها. وقد كان.. فقد بعث هذا النبي رحمة بأبناء هاجر، وكان الأبناء كنانة أمّة الإسلام على مدى التاريخ.

" وفتيلة مدخنة لا يطفئ": المقصود بالفتيلة المدخنة، نور العلم والمعرفة. فهذا النبي لن يصدّ عن العلوم المفيدة ولن يهدر الخير الذي في الديانات السابقة وإن حرّفت، وهذا ينطبق بالحرف على محمد صلى الله الذي قال: " طلب العلم فريضة على كلّ مسلم" (مسند أبي يعلى..) والذي قال أيضا:

" من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" (متفق عليه) كما أنّه هو من حافظ على الخير الذي دعا إليه الأنبياء السابقون كالصلاة والصوم والحج والبر بالوالدين وصلة الرحم وأهم من ذلك توحيد المعبود سبحانه. أما يسوع الكنيسة فقد ألغى بموته على الصليب العمل بالشرائع السابقة بل ودعا إلى عقيدة تثليثية لم يعرفها أيّ من الأنبياء السابقين.

" إنما بأمانة يجري عدلا": لقد كان محمد صلى الله عليه وسلم حاكما بين قومه وجاء بشريعة تسوس الأمم بالقسط والبر. أما يسوع الإنجيلي فما كان حاكما على قومه كما أنّه لم يرسل إلى غير بني إسرائيل.

" لا يكلّ ولا تثبط له همة حتى يرسّخ العدل في الأرض".

والتاريخ شاهد أنّ محمدا صلى الله عليه وسلم قد جاهد باللسان والسنان وجمع بين المجادلة والمجالدة ٢٣ سنة ليقيم شرع الله سبحانه على الأرض. ومحمد صلى الله عليه

<<  <   >  >>