فبكى وذرف الدمع الشحيح، وأقرّ أنه لا شكّ أنّ محمدا صلى الله عليه وسلّم هو كموسى عليهما الصلاة والسلام نبي من عند الله..
ولكنّ الرجل لم يسلم!!؟؟
وبعد ذكر هذه الوقائع يحسن بنا أن نقدّم نموذجا آخر لثبوت علم أهل الكتاب ببشارة" الكتاب المقدس" ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو اعتراف صدر من أبي الفتح بن أبي الحسن السامري الذي لم يسلم، بأنّ سلفه من اليهود السامريين* كانوا يعلمون أنّ محمدا صلى الله عليه وسلم هو حقا رسول الله، فقد قال في كتابه" التاريخ مما تقدّم عن الآباء" ص ١٧٢ إنّ ثلاثة رجال، أحدهم من اليهود السامريين في نابلس ويسمّى صرماصة، وثانيهم من اليهود العبرانيين في أورشليم ويلقّب بكعب
الأحبار، وثالثهم نصراني راهب ويسمّى عبد السلام. هؤلاء الثلاثة اجتمعوا معا وانطلقوا إلى مقابلة النبي صلى الله عليه وسلّم. يقول ما نصّه (وترجمته العربية ركيكة) : " وجاءوا حتى وصلوا إلى المدينة التي هو فيها. وقالوا لبعضهم البعض: من يتقدم أولا؟ فقال كعب الأحبار: أنا. فتقدم إليه وسلّم عليه. فردّ عليه السلام.
وقال له: من أنت من أولاد اليهود؟ فقال له: أنا رجل من مقدمي اليهود، وجدت في توراتي أن يقوم ملك من نسل إسماعيل ويملك الدنيا ولا يقف بين يديه أحد. فتقدّم عبد السلام بعده وقال: هكذا وجدت في الإنجيل. وتقدم إليه صرماصة. وقال له: أنت تدين بدين وسيعة وتملك رقاب العالم".
ثم يقول بعد ذلك ما نصّه:" ومحمد ما أساء إلى أحد من أصحاب الشرائع، وسمعت من لفظ الحكيم وهو نقل عن كاتبه المنقول منه العلامة فاضل الوجود الشيخ نفيس الدين أبو الفرج بن كثار أنّه جاء في نقل السلف عن محمد وهو ... الخ".
(*) اليهود فرق عدّة من أشهرها فرقة اليهود السامريين، وهم يعيشون في أيامنا في نابلس في فلسطين. أهمّ مخالفاتهم لبقية اليهود هي أنهم يرفضون الاعتراف بقدسية ما عدا أسفار موسى الخمسة (لمزيد من التفصيل انظر د. عبد الجليل شلبي اليهود واليهودية ص ص ١٣٢- ١٣٣) .