للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكفله، وكان شفيقا عليه ناصرا له، «وكان يحبه حبا شديدا لا يحبه ولده، وكان لا ينام إلا إلى جنبه، وصب به صبابة «١» لم يصب مثلها بأحد غيره، وكان يخصه بالطعام وكان عيال «أبي طالب» إذا أكلوا جميعا أو فرادى لم يشبعوا، فإذا أكل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم شبعوا، وكان «أبو طالب» إذا أراد أن يغذيهم قال: «كما أنتم حتى يحضر ابني، فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيأكل معهم فيفضلون من طعامهم، وإن لم يكن معهم لم يشبعهم «٢» » وفاضت بركته صلى الله عليه وسلّم وخيره على جميع أهل ذلك المكان، وكيف لا وهو السيد الذي يستسقى الغمام بوجهه، كما أشار إلى ذلك أبو طالب في قصيدته اللامية التي


- «الزبير» أسنهما فاقترع «الزبير» و «أبو طالب» أيهما يكفل رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأصابت القرعة «أبا طالب» فأخذه، ويقال: بل اختاره الرسول صلى الله عليه وسلّم على «الزبير» وكان ألطف عميه به، ويقال: بل أوصاه «عبد المطلب» بأن يكفله بعده» اه: (جمل من أنساب الأشراف) للبلاذري. وانظر: (السيرة النبوية) للإمام/ ابن كثير ١/ ٢٤٠. وانظر: (إتحاف الورى بأخبار أم القرى) للإمام/ عمر بن فهد (١/ ٩٧- ٩٨) .
(١) وعن «الصبابة» قال السهيلي في (الروض الأنف) (١/ ٢٠٦) : «صب أم ضبث» ، وقال فيه: فصب رسول الله بعمه. الصبابة رقة الشوق- الصحاح للجوهري (١/ ١٦٠) - يقال: صببت- بكسر الباء- أصب، ويذكر عن بعض السلف أنه قرأ: أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ [سورة يوسف من الاية ٣٣] . وفي رواية أبي بحر: ضبث به محاذرة أن يقضب الحبل قاضبه» اه/ الروض الأنف. وانظر: (عيون الأثر) لابن سيد الناس (١/ ١٠٥- ١٠٦) . وانظر (سبل الهدى والرشاد) للصالحي ٢/ ١٤٥ (تنبيهات) .
(٢) قوله: «وكان يحبه حبّا شديدا ... » إلى قوله: « ... لم يشبعهم» مقتبس من (الطبقات الكبرى) للإمام/ محمد بن سعد (١/ ١١٩- ١٢٠) . وقال الحافظ أبو نعيم في (دلائل النبوة- وفاة «عبد المطلب» وضم أبي طالب رسول الله صلى الله عليه وسلّم [١/ ١٦٦- ١٦٧ رقم: ١٠٤] : «قالوا: فلما توفي «عبد المطلب» ضم أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وسلّم وكان أبو طالب لا مال له، وكان له قطيعة من إبل يكون ب «عرنة» يبدو إليها فيكون ينشأ فيها، ويؤتى بلبنها إذا كان حاضرا بمكة، وكان أبو طالب قد رق عليه وأحبه، وكان إذا أكل عيال «أبي طالب» جميعا أو فرادى لم يشبعوا، وإذا أكل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم شبعوا، وكان إذا أراد أن يعشيهم فيقول: «كما أنتم حتى يحضر ابني» . فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيأكل معهم، فكانوا يفضلون من طعامهم، وإن كان لبنا شرب رسول الله صلى الله عليه وسلّم أولهم، ثم يتناول العيال (القعب) فيشربون منه فيروون عن آخرهم من (القعب) الواحد، وإن كان أحدهم ليشرب قعبا وحده. فيقول أبو طالب: «إنك لمبارك» . وكان الصبيان يصبحون شعثا رمصا، ويصبح رسول الله صلى الله عليه وسلّم دهينا كحيلا» اه: دلائل النبوة لأبي نعيم.

<<  <   >  >>