هذه مسألة مهمة والإخوان الذين يوجهون الطلاب إلى الحفظ ويعتنون به كانوا في أول الأمر يعتنون بلفظ مسلم، ويأخذون زوائد البخاري، حصل في هذا مناقشات طويلة، وحجتهم في ذلك أن مسلم يعتني بالألفاظ، بألفاظ الرواة وينبه على الاختلاف، ولو كان يسيراً لا يترتب عليه فائدة، وهذا يدل على دقة تحريه، حدثنا فلان وفلان واللفظ لفلان، حدثنا فلان وفلان قال فلان: أخبرنا، وقال الآخر: حدثنا، يعتني بهذه الأمور بدقة، ويبين فروق الروايات باستيعاب لهذه الفروق، البخاري ما يعتني بهذا أبداً، البخاري ما يعتني بهذا، قد يروي الحديث عن مجموعة اثنين ثلاثة ومع ذلكم لا يبين صاحب اللفظ، لكن ظهر بالاستقراء من صنيعه أن اللفظ يكون للأخير، اللفظ يكون للأخير، هل هذا يرجح لفظ مسلم على لفظ البخاري؟ ويكون ترجيح مسلم في الحفظ على البخاري له وجه أو لا؟ له وجه وإلا ما له وجه؟ أقول: لا وجه له، لماذا؟ الإمام مسلم حينما يبين ألفاظ هؤلاء الرواة الذين أخرج الحديث من طريقهم نعم، وقد جوزنا لهؤلاء الرواة أن يرووا بالمعنى، هل معنى هذا أننا نجزم الذي في صحيح مسلم هو لفظ النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ هو لفظ من نسب إليه من الرواة بدقة، الإمام مسلم يتحرى في هذا، الإمام البخاري ينقل عن رواة وكلهم ثقات ما رووه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بالمعنى؛ لأن جماهير أهل العلم يجوزون الرواية بالمعنى، فنحن نجزم أن هذا اللفظ لقتيبة بن سعيد من شيوخ مسلم لا لأبي بكر بن أبي شيبة، لكن هل نجزم أن قتيبة بن سعيد روى لنا اللفظ النبوي وهو من يجوز الرواية بالمعنى؟ بينما لو وجد في البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف ومحمد بن سلام نعم وما بين لفظ أحدهما، ما نجزم أن هذا لفظ هذا أو ذاك، لكن نجزم أن هذين وهما من الثقات رووا لنا هذا الحديث عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بالمعنى، وقد يكون رووه باللفظ، فمسلم حين يبين لنا أن هذا اللفظ عن هذا الراوي بدقة، أو عن هذا الراوي بدقة لن يخرج عن كون الرواية بالمعنى جائزة، فهذا اللفظ المسوق لهذا الرواي، لكن هل هذا اللفظ هو لفظ النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ نعم، الله أعلم.