يعني لو بحثت في كتب السنة من النصوص التي تدل على أن صلاة الظهر أربع، هل يمكن أن تروي مثل هذا عن جمع غفير؟ ألفاظ الأذان مثلاً، جمل الأذان، لكن العمل والتوارث على هذا من عصر صاحب الرسالة إلى يومنا هذا يعمل به الجمع الغفير، ولذا لو قال شخص: صلاة المغرب أربع أو صلاة العشاء خمس نعم، ويمكن أن يقول: إن الحديث صحيح بأعداد الصلوات، لكن هل هو قطعي؟ هل هو متواتر ينطبق عليه تعريف المتواتر من حيث الإسناد؟ نقول: هو متواتر من حيث العمل والتوارث، العمل والتوارث، الأمة تعمل بهذا من عصر صاحب الشريعة على يومنا هذا، ولا بد لهذا التواتر أن يكون له أصل، وأن يعمل به جمع من الطبقة الأولى من الصحابة فمن بعدهم، ولا يعني هذا أنه يأتينا عمل منقطع ما عمل به القرون المفضلة ثم يأتي في القرن الرابع وما بعده من يعمل به من ألوف المسلمين، يقول: هذا تواتر العمل والتوارث؟ نقول: لا، نقول: هذا مبتدع لو كان خيراً لسبقونا إليه، لعمل به الصحابة والتابعون في القرون المفضلة، وليس في مثل هذا الكلام حجة لمن يثبت تواتر عمل المولد أو ما أشبهه لا، أو غيره من البدع.
[وجود المتواتر:]
هل المتواتر بالفعل موجود أو غير موجود؟ زعم ابن حبان والحازمي أن الحديث المتواتر غير موجود أصلاً، غير موجود أصلاً، أولاً: المتواتر لا يبحثه أهل علوم الحديث لماذا؟ لأنه ليس من صناعتهم، صناعتهم الإثبات والنفي، القبول والرد البحث في الأسانيد والمتون، الخبر المتواتر لا يحتاج إلى بحث، هو ملزم من غير أن تبحث فيه، يعني لو جاءك شخص وقال: هناك بلد اسمها: بغداد، تقول: عن من؟ من الذي أخبرك بهذا؟ هل هو ثقة أو ليس بثقة؟ تحتاج أن تقول هذا؟ ما تحتاج، ما تحتاج، هل تحتاج إلى أن تبحث في معجم البلدان لتنظر هل كلامه صحيح أو ليس بصحيح؟ الخبر المتواتر يفيد العلم الضروري على ما سيأتي ويلزم صاحبه بقبوله، ما يحتاج إلى نظر ولا استدلال.