والمراد هنا الراوي المجهول وهو عند أهل الحديث كما في النزهة من لا يعرف فيه تعديل ولا تجريح معين، يرى الخطيب البغدادي أن المجهول من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه ولا عرفه العلماء به، ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راوٍ واحد.
اعترض ابن الصلاح على كلام الخطيب بقوله:"قد خرج البخاري حديث جماعة ليس لهم إلا راوٍ واحد"، يقول:"منهم مرداس الأسلمي لم يروِ عنه غير قيس بن أبي حازم، كذلك خرج مسلم حديث قوم لا راوي لهم غير واحد منهم ربيعة بن كعب الأسلمي لم يروِ عنه غير أبي سلمة بن عبد الرحمن، وذلك مصير منهما إلى أن الراوي قد يخرج عن كونه مجهولاً مردوداً برواية واحد عنه"، هؤلاء هم الوحدان الذين ليس لهم إلا راوٍ واحد، ويأتي ذكرهم في مجهول العين.
على كل حال أجاب النووي عن هذا الاعتراض -عن اعتراض ابن الصلاح على كلام الخطيب- بقوله:"والصواب نقل الخطيب، ولا يصح الرد عليه بمرداس وربيعة فإنهما صحابيان مشهوران، والصحابة كلهم عدول، فلا يحتاج إلى رفع الجهالة عنهم بعدد الرواة، أما غير الصحابة فأقل ما يرفع الجهالة عن الواحد منهم أن يروي عنه اثنان فصاعداً من المشهورين بالعلم".
روى الخطيب بسنده عن يحيى بن معين أنه قال:"إذا روى عن المحدث رجلان ارتفع عنه اسم الجهالة"، لكن قد ترتفع الجهالة برواية واحد إذا كان من النقاد الذين لا يروون إلا عن الثقات كالإمام مالك وشعبة بن الحجاج غيرهما.
[أقسام المجاهيل:]
أقسام المجاهيل: يختلف المجاهيل في قوة الجهالة وضعفها، ولذا قسم العلماء المجهول إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: مجهول الذات: وهو الراوي الذي لم يصرح باسمه أو بما يدل عليه، لم يصرح باسمه أو بما يدل عليه، إذا قيل: حدثني رجل أو قال بعضهم، نعم، هذا مجهول، وجهالة الذات لها سببان: عدم التصريح باسم الراوي، وهذا النوع يسمى المبهم، الثاني: كثرة نعوت الراوي فيشتهر بشيء منها فيذكر بغير ما اشتهر به لغرض من الأغراض فيظن أنه راوٍ آخر فيحصل الجهل به، هذا المشهور بين الناس باسمه فيكنى، فإذا قيل: حدثني أبو الخطاب قال: قال أنس بن مالك، من أبو الخطاب هذا؟ نعم؟