شرح قول المصنف:"ثم الطعن: إما إن يكون لكذب الراوي، أو تهمته بذلك أو فحش غلطه، أو غفلته، أو فسقه، أو وهمه، أو مخالفته، أو جهالته، أو بدعته، أو سوء حفظه"
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
فإذا سكت ظُن أن فاعل التحديث من ذكر بعد السكوت، وفي الحقيقة ليس كذلك، ما ألحق بهذا النوع تحذف الصيغة أصلاً، كقول ابن عيينة:"الزهري" قيل له: "حدثك الزهري؟ " قال: "الزهري" طيب صرح بالصيغة، سمعته من الزهري؟ قال: لا ما سمعته من الزهري، حدثني عبد الرزاق عن معمر عن الزهري، يعني حذف اثنين، كذا في علوم الحديث لابن الصلاح.
الإمام النسائي -رحمه الله تعالى- وهو معروف بشدة التحري والاحتياط، وهو من أبعد الناس عن التدليس، أحياناً يحذف الصيغة ويقتصر على اسم الشيخ، فيقول:"الحارث ابن مسكين" من دون ما يقول: أخبرنا ولا حدثنا، يقول:"الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع"، ليس من هذا النوع أبداً، لماذا لم يذكر الإمام النسائي الصيغة فيقول: أخبرنا؟ بالمناسبة سنن النسائي المطبوع كلها فيها:"أخبرنا الحارث بن مسكين" وهذا خطأ، النسائي يروي عن الحارث بن مسكين بدون صيغة، والسبب في ذلك أن الحارث ابن مسكين كان ممن يأخذ أجرة على التحديث، والنسائي -رحمه الله تعالى- كان ممن يعتني بمظهره، فلما دخل النسائي على الحارث طلب منه أجره، وكأنه رفع عليه الأجرة ظناً منه أنه غني، فرفض النسائي -رحمه الله تعالى- رفض يعطيه الأجرة فطرده الحارث بن مسكين من حلقة الدرس، فصار خلف سارية يسمع والحارث بن مسكين ثقة لكنه بشر، هو ثقة والإمام النسائي -رحمة الله عليه- شديد الورع والتحري، فلكون الحارث بن مسكين ثقة روى عنه النسائي، ولكون الحارث بن مسكين لم يقصد النسائي بالتحديث، ما قال: حدثني ولا أخبرني، ما قصده بالتحديث، بل العكس طرده من الدرس، وهذا من تمام ورع النسائي، فتجده يقول:"الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع" وهذا ليس من هذا النوع، ليس من تدليس القطع.