ونقل الذهبي عن ابن الجوزي قوله:"ولا ريب أن الكذب على الله وعلى رسوله في تحليل حرام أو تحريم حلال كفر محض، وإنما الشأن في الكذب عليه فيما سوى ذلك"، هذا حكم الكذب، والراجح فيه قول الجمهور أنه كبيرة من الكبائر لكن لا يكفر، ولا عبرة بما ذهب إليه محمد بن كرام السجستاني شيخ الكرامية من إباحة وضع الأحاديث، يجيزون وضع الأحاديث والكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- للترغيب في الطاعة والتنفير من المعصية دون ما يتعلق به حكم من أحكام الشريعة، مؤولين حديث:((من كذب علي)) بقولهم: إنا نكذب له ولا نكذب عليه، والوعيد يقول:((من كذب علي)) ويقولون: نحن نكذب له ما نكذب عليه، إيش معنى نكذب له؟ نروج كلامه، نروج دينه على الناس، بهذا الكذب، فنحن نكذب له ما نكذب عليه، لا شك أن هذا القول سخيف ومتهافت وهو أقل من أن يرد عليه، والبرهان القاطع على خلافه أظهر وأشهر، والدين كامل ليس بحاجة إلى ترويج، ليس بحاجة إلى ترويج، الدين لو سلم من الصد عنه ما احتاج ولا إلى دعوة، لكن المشكلة أن الصد عن دين الله موجود بين المسلمين، من المسلمين من يصد الناس عن دين الله بأفعاله وتصرفاته، وكونه قدوة سيئة يشوه الإسلام، والله المستعان.
[رواية الكاذب:]
رواية الكاذب: من كذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمداً في حديث واحد حكم عليه بالفسق وردت رواياته كلها، وبطل الاحتجاج بها جميعاً، وأما توبة الكاذب فمن تاب عن الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اختلف العلماء في قبول روايته على قولين:
القول الأول: ذهب الإمام أحمد وأبو بكر الحميدي شيخ البخاري، وأبو بكر الصيرفي إلى أن توبته لا تؤثر في ذلك، ولا تقبل روايته أبداً، بل يحتم جرحه دائماً؛ يعني من كذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- ولو مرة واحدة فإنه خلاص يلغى من الوجود في باب الرواية، لكن إن حسنت توبته، تاب توبة نصوحاً بشروطها تقبل توبته عند الله -سبحانه وتعالى-، لكن الرواية يحتم جرحه دائماً.