والحاكم أبو عبد الله ذكر أن الشاذ:"هو الحديث الذي ينفرد به ثقة من الثقات وليس له أصل متابع لذلك الثقة، فأطلقه على مجرد التفرد، قال ابن الصلاح في علوم الحديث: أما ما حكم الشافعي عليه بالشذوذ فلا إشكال في أنه شاذ غير مقبول، وأما ما ذكره غيره فيشكل فيما يتفرد به العدل الضابط كحديث:((إنما الأعمال بالنيات)) فعلى هذا إدخال قول الشافعي في الشاذ دخولاً أولياً، وهو التفرد مع المخالفة.
أما تفرد الراوي ثقة كان أو غير ثقة، وإدخاله في الشذوذ كما يقوله أبو يعلى الخليلي أو تفرد الثقة فهو مشكل يرد عليه الغرائب التي في الصحيحين، يعني حديث الأعمال بالنيات تفرد به صاحبه هل نقول: إنه شاذ؟ اللهم إلا على قول من يقول: إن من الشاذ ما هو شاذ صحيح، الحافظ العراقي يقول:
وذو الشذوذ ما يخالف الثقة ... فيه الملا فالشافعي حققه
والحاكم الخلاف فيه ما اشترط ... وللخليلي مفرد الراوي فقط
ورد ما قالا بفرد الثقة ... كالنهي عن بيع الولا والهبة
وقول مسلم روى الزهري ... تسعين فرداً كلها قوي
يعني مجرد التفرد -تفرد الثقة- لا يعني الشذوذ المردود، ومثاله ما تقدم قريباً حديث:((إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع عن يمينه)) قلنا: هذا شاذ، وحكمه الرد، الرد لأنه من أقسام الضعيف لوجود المخالفة، كون الراوي وإن كان ثقة يخالف من هو أوثق منه يدل على أن هذا الراوي الثقة لم يحفظ ولم يضبط ما خالف فيه غيره.
[المنكر:]
قال -رحمه الله تعالى-: "ومع الضعف فالراجح المعروف ويقابله -أو ومقابله- المنكر" فالمعروف في اللغة: اسم مفعول من المعرفة والعرفان، قال في القاموس: عرفه يعرفه معرفة وعرفاناً وعِرفةً بالكسر.
وفي المفردات للراغب المعرفة والعرفان إدراك الشيء بتفكر وتدبر لأثره، وهو أخص من العلم ويضاده الإنكار، والمعروف اسم لكل فعل يعرف بالعقل أو الشرع حسنه يقابله المنكر وهو ما ينكر بهما.