وتبع في ذلك ابن الوزير اليماني الذي قرر أن الحافظ ألفها في سفره إلى مكة، وبعضهم ينتقد هذا الكلام، على كل حال سواءً ألفها في حال السفر أو في حال الإقامة المقصود أن الكتاب نافع، متن متين مختصر يتيسر حفظه لمبتدئي الطلبة، ويعتمدون عليه في أول الأمر، ثم بعد ذلكم يقرءون ما هو أوسع منه كاختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير، وهو كتاب نافع يصلح للمتوسطين من طلاب العلم، ثم بعد ذلكم يختم بألفية العراقي مع شروحها، من حفظ الألفية بعد أن نظر في النخبة وفهمها وحفظها، ثم اختصار علوم الحديث وحفظ الألفية يكون أدرك في هذا الشأن، ولم يبقَ عليه إلا التطبيق.
وقلنا في الدرس السابق: إنه بعد إتقان هذه القواعد النظرية عليه أن يبدأ بالعمل فيخرج الأحاديث، ويجمع الطرق والمتابعات الشواهد، ويدرس رجالها وأسانيدها ويتمرن عليها بالحكم على الأحاديث، وبهذه الطريقة يتأهل ليكون من أهل الحديث، والله المستعان، نعم.
[تقسيم الأخبار:]
"الخبر: إما أن يكون له طرق بلا عدد معين، أو مع حصر بما فوق الاثنين، أو بهما، أو بواحد.
فالأول: المتواتر المفيد للعلم اليقيني بشروطه، والثاني: المشهور، وهو المستفيض على رأي، والثالث: العزيز، وليس شرطاً للصحيح خلافاً لمن زعمه، والرابع: الغريب، وكلها -سوى الأول- آحاد".
نعم سلك الحافظ -رحمه الله تعالى- كما ذكرنا في ترتيب النخبة مسلك اللف والنشر المرتب، وعرفنا معنى اللف والنشر عرفه علماء البيان بأنه: عبارة عن ذكر شيئين على جهة الاجتماع ثم يوفى بما يليق بكل واحد منهما، يعني أولاً في الإجمال والثاني تفصيل، وهو في الحقيقة جمع ثم تفريق، واشتقاقهما من لف الثوب ونشره أي جمعه وفرقه، وعرفنا أنه ينقسم إلى مرتب ومشوش، وعرفنا أنه شبيه بما يسمى في علم الأصول بالسبر والتقسيم.