خلف -يعني الخلاف- في مبتدع ما كفرا، أما الذي يكفر ببدعته فلا خلاف فيه، قيل: يرد مطلقاً واستنكراً، واختار الصنعاني في شرحه على نظم النخبة له أن يجعل المعيار في قبول الرواية الصدق، ويطرح رسم العدالة وغيره؛ لأن قبولهم رواية الدعاة إلى البدع كعمران بن حطان يقوي القول بقبول المبتدع مطلقاً إذا كان صدوقاً.
ورجح الشيخ أحمد شاكر ما حققه الحافظ ابن حجر وقال: إنه الحق الجدير بالاعتبار، ويؤيده النظر الصحيح، أنه لا يرد كل مكفر ببدعته؛ لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها، فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف، فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمراً متواتراً من الشرع معلوماً من الدين بالضرورة، وكذا من اعتقد عكسه، فأما من لم يكن بهذه الصفة وانظم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه فلا مانع من قبوله.
عندنا معيار نزن به ونقيس، وهو اتباع الكتاب والسنة، فبقرب الإنسان من هذا المعيار وبقدر قربه من الكتاب والسنة يكون قربه من الحق وبمقدار بعده عن الكتاب والسنة يكون بعده عن الحق، يعني كون الرافضة يكفرون أهل السنة، وأهل السنة يكفرون الرافضة، والخوارج مختلف في تكفيرهم وكذا، هل يعني هذا أن الحق ضائع بين هؤلاء؟ نعم، كلام ابن حجر قد يفهم منه أن الأمة فيها شيء من الضياع في الأحكام، لا، إحنا عندنا {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ} [(٥٩) سورة النساء] هذا هو المقياس والميزان الذي يوزن به الناس أفراد وجماعات الكتاب والسنة، والعبرة بأحكام أهل العلم الملتزمين لنصوص الكتاب والسنة، فإذا كفر ببدعته لبعده عن الكتاب والسنة فمثل هذا لا يروى عنه، والله المستعان.
وعلى كل حال من كفر ببدعته لا ينبغي أن تقبل روايته، بل لا ينبغي أن يدخل في الخلاف أصلاً، نعم، اقرأ.
[حكم رواية سيء الحفظ:]
أحسن الله إليك:"ثم سوء الحفظ إن كان لازماً فهو الشاذ على رأي، أو طارئاً فالمختلط، ومتى توبع سيء الحفظ بمعتبر وكذا المستور والمرسل والمدلس صار حديثهم حسناً لا لذاته بل بالمجموع".