القول الرابع: تفصيل أيضاً: وهو أنه إن كان المبتدع يستحل الكذب لنصرة مذهبه لم يقبل وإلا قبل؛ لأن اعتقاد حرمة الكذب يمنع من الإقدام عليه فيحصل الصدق، وممن قال بهذا الإمام الشافعي، فقد روى الخطيب عنه قوله:"تقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية، "تقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة؛ لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم".
وحكاه الخطيب عن ابن أبي ليلى وسفيان الثوري وأبي يوسف القاضي، ونسبه الحاكم لأكثر الأئمة، الذي يستحل الكذب على هذا القول لا يقبل، لكن نرجع إلى أصل المسألة هو أن الخلاف في البدعة غير المكفرة، واستحلال الكذب مكفر وإلا غير مكفر؟ نعم مكفر، فلا ينبغي أن يدخل مثل هؤلاء في الخلاف، قال الحافظ العراقي:
وقيل: بل إذا استحلّ الكذبا ... نصرة مذهب له ونسبا
للشّافعيّ إذ يقول: أقبل ... من غير خطّابيّة ما نقلوا
لكن قال الشيخ أحمد شاكر: "هذا المذهب فيه نظر؛ لأن من عرف بالكذب ولو مرة لا تقبل روايته، فأولى أن ترد رواية المستحل للكذب".
والقول الخامس: يرى جماعة من أهل النقل والمتكلمين، يرى جماعة من أهل النقل والمتكلمين أن أخبار أهل الأهواء كلها مقبولة، سواءً كانوا فساقاً أو كفاراً بالتأويل، قال ابن حجر في شرح النخبة: "والتحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعته، والتحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعته؛ لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف، فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمراً متواتراً من الشرع، معلوماً من الدين بالضرورة، وكذا من اعتقد عكسه، فأما من لم يكن بهذه الصفة، وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه فلا مانع من قبوله"، هذا موجود في النزهة.
وأما ابن الصلاح فلم يدخل من كفر ببدعته في الخلاف أصلاً، ابن الصلاح لم يدخل من كفر ببدعته في الخلاف أصلاً، بل حصر الخلاف فيمن لا يكفر ببدعته، وتبعه على ذلك الحافظ العراقي فقال:
والخلف في مبتدع ما كفّرا ... قيل: يردّ مطلقاً واستنكرا