على كل حال على الإنسان أن يسلك الجادة ويتمرن والعلم يجتمع شيئاً فشيئاً، وإذا علم الله -سبحانه وتعالى- صدق النية أعان، وإذا كان الإنسان ممن أوتي الحافظة مع الفهم وأخلص وصدق النية مع الله -سبحانه وتعالى-، وسلك الطريق المتبع عند أهل العلم فإنه يرجى له أن يحتاج إليه في يوم من الأيام، أما إذا كان يتخبط يوم كذا ويوم كذا ويوم كذا، فهذا في الغالب وإن أوتي ذكاءً أو أوتي حفظاً فإنه في الغالب يضيع وقته متردد متحير، ولا نسيء الظن بالإخوة الذين يدعون إلى تقليد الأئمة، نقول: الأئمة هم الأصل، لكن الطالب المبتدئ كيف يخاطب بأن يبدأ شرح علل الترمذي؟ والعلل أغمض أنواع علوم الحديث، كيف يشرح لطلاب مبتدئين الإلزامات والتتبع للدارقطني؟ لا يا أخي، مرن الطلاب على صغار العلم قبل كباره لتكون ربانياً، والرباني كما قال ابن عباس:"من يعلم الناس صغار العلم قبل كباره"، يعني لو أن شخص سمع كلام الحافظ ابن كثير بعلل الدارقطني، وقال:"ما دام هذا الكتاب العظيم بهذه المثابة لماذا لا أعتني بهذا الكتاب؟ " وهو مبتدئ، نقول: لا تلبث أن تنقطع، أولاً: لن تفهم، الأمر الثاني: تبي تنقطع ولا بد، لو سمع آخر ثناء ابن القيم على درء تعارض العقل والنقل لشيخ الإسلام.
واقرأ كتاب العقل والنقل الذي ... ما في الوجود له نظير ثانِ
يقول: هذا الكتاب ما دام ما في الوجود له نظير ثان لماذا لا أعتني به؟ والله لن يستمر في قراءة هذا الكتاب، وإذا كان من شهد له بالتقدم في هذا العلم، وبخبرة تامة بكلام شيخ الإسلام يطوي عشرات الصفحات لا يفهمها من هذا الكتاب فيكف بالطالب المبتدئ؟ وهذا مثال نضربه في كل العلوم يمشي الطالب متدرج الأصغر ثم الأكبر وهكذا، نعم بهذه الطريقة يستطيع الطالب التحصيل.