علم الحديث يشمل القواعد التي يتوصل بها إلى الإثبات والنفي، إلى القبول والرد، وهذا ما يعرف بعلوم الحديث ومصطلح الحديث، وعلم الحديث يطلق ويراد به أيضاً الهدف والغاية الذي هو ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من قول أو فعل أو تقرير، فما يتعلق بعلوم الحديث وقواعده عرفنا أن طالب العلم عليه أن يسلك الجادة، الطريق المتبع عند أهل العلم فيبدأ بالمختصر وليكن .. ، تكن البداية بالنخبة مثلاً، ثم اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير، ثم الألفية، فإذا أتقن هذه الكتب وضبطها وراجع عليها الشروح وسمع ما عليها من أشرطة فإنه يكون حينئذ أتقن العلم نظرياً على طريقة المتأخرين، وعلى قواعدهم.
يبقى أنه عليه أن يطبق يخرج الأحاديث، وينظر في الأسانيد، ويصحح ويضعف أيضاً على قواعد المتأخرين، فإذا تمرن وتمكن وصارت لديه أهلية للنظر والموازنة بين الطرق، وعرف المخالفة والموافقة واختلاف الرواة، واستطاع أن يحاكي المتقدمين في طريقتهم في أحكامهم على الأحاديث تعين عليه ذلك؛ لأن المتأخرين عالة على المتقدمين، وهذا انتيهنا منه.
علم الحديث الذي هو المتن المضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، الجادة والطريقة عند أهل العلم أن يبدأ بالمتون الصغيرة، فيحفظ الأربعين، ثم العمدة، ثم البلوغ، ثم بعد ذلكم يقرأ في الكتب المسندة، ويعتني بالصحيحين، ويجعل جل همه للبخاري ثم مسلم، فإذا أتقن الصحيحين انتقل إلى السنن فعني بسنن أبي داود والترمذي، ثم مرحلة ثالثة يعنى بسنن النسائي وابن ماجه ثم ينتقل بعد ذلك إلى المسند والموطأ وغيرها من كتب السنة.
على كل حال هذا خير ما يسلك، لكن بعض الناس يقرأ في الكتب الطويلة وهو ما حفظ الكتب الصغيرة المختصرة، هذا يضيع غالباً، على كل حال العلم مثل السطح يحتاج إلى سلم تصعد فيه درجة درجة حتى تصل، فإذا قرأت في المتون المختصرة وحفظتها، وقرأت شروحها وأتقنتها لك أن ترقى بعد ذلك للكتب المطولة المسندة، وإذا كانت الحاجة تسعف وهناك مزيد حفظ، فليعتني بحفظ الكتاب والسنة؛ لأنهم .. ، هما العدة وهم العمدة التي يعتمد عليها طالب العلم في تأصيل علمه وتأسيسه.