الثالث: ما يقع بين هاتين المرتبتين مثل زيادة لفظة في حديث لم يذكرها سائر من روى ذلك الحديث، ومن أمثلة ذلك:((جعلت لنا الأرض مسجداً، وجعلت تربتها لنا طهوراً)) هذه الزيادة تفرد بها أبو مالك الأشجعي، وسائر الرواة على أن لفظ الحديث:((وجعلت لنا الأرض مسجداً وطهوراً)) الآن أصل الحديث في حديث الخصائص: ((وجعلت لنا الأرض مسجداً وطهوراً)) في حديث أبي مالك الأشجعي: ((وجعلت تربتها لنا طهوراً)) ها؟ هذه زيادة، وهذه الزيادة فيها موافقة من وجه ومخالفة من وجه، كيف؟ فيها موافقة لأن التربة جزء من الأرض، وفيها مخالفة من جهة تخصيص التيمم بهذا الجزء من الأرض، ولذا يختلف أهل العلم في التيمم بكل ما على وجه الأرض وتصعد على وجهها، أصل الحديث يدل على أن الأرض طهور بجميع ما تصاعد عليها، رواية أبي مالك الأشجعي تجعل التيمم خاص بالتراب، وبهذا يقول الحنابلة والشافعية، وغيرهم يقولون: لا، يتيمم بكل ما على وجه الأرض ولو لم يكن تراب له غبار يعلق باليد، فهذه فيها وجه موافقة باعتبار أن التراب جزء من الأرض ووجه مخالفة باعتبار أن هذا الجزء يختص به التيمم، وقد قيل به، هذا يشبه الأول من وجه، ويشبه الثاني من وجه، فيشبه القسم الأول من حيث إن ما رواه الجماعة عام، وما رواه المنفرد بالزيادة مخصوص، وفي ذلك مغايرة في الصفة ونوع من المخالفة يختلف بها الحكم، ويشبه أيضاً القسم الثاني من حيث أنه لا منافاة بينهما.
نعود إلى حديث التربة، إذا قبلنا هذه الزيادة هل يتجه قول من يقول: إنه لا يتمم إلا بتراب؟ إذا قبلنا هذه الزيادة وصححناها أو لا يتجه ونتيمم بجميع ما على وجه الأرض عملاً بالحديث الأصلي؟ أو نتيمم بالتراب عملاً بهذه الزيادة؟ وعرفنا اختلاف أهل العلم وسببه ورود هذه الزيادة؟ ها؟ إحنا الآن قبلنا هذه الزيادة وانتهينا، قبلنا هذه الزيادة وانتهينا، هل قبول هذه الزيادة يجعل القول بتخصيص التراب وجيه؟ هل نقول: إن هذا خاص والخاص مقدم على العام؟ ما في شيء اسمه تخصيص العام؟ يعني إذا جاء عام وخاص هل يخصص العام بالخاص مطلقاً أو لا؟ نعم.