للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذهب الأئمة أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية عنه إلى أن المرسل صحيح يحتج به في الدين، المرسل صحيح يحتج به في الدين، ونسبه الغزالي إلى الجماهير، بل نقل ابن عبد البر عن الطبري أن التابعين بأسرهم أجمعوا على قبول المرسل، ولم يأتِ عنهم إنكاره ولا عن أحد من الأئمة بعدهم إلى رأس المائتين، نقل ابن عبد البر عن الطبري أن التابعين بأسرهم –يعني نقل الاتفاق والإجماع- أجمعوا على قبول المرسل، ولم يأتِ عنهم إنكاره ولا عن أحد من الأئمة بعدهم إلى رأس المائتين، مروي عن سعيد بن المسيب أنه لا يحتج بالمرسل على ما سيأتي، والطبري نقل الإجماع عن التابعين وسعيد بن المسيب أفضل التابعين، فكيف ينقل الطبري الإجماع مع مخالفة سعيد؟ كيف؟ الطبري له رأي في الإجماع وهو أن الإجماع قول الأكثر، قول الأكثر إجماع عنده، ولذا تفسيره المشهور التفسير الكبير له كثيراً ما يقول: "واختلف القرأة في قراءة قوله تعالى على أقوال" ثم يذكر قول الجمهور ويذكر المخالف ثم يقول: "والصواب في ذلك عندنا كذا لإجماع القرأة على ذلك" هو ذاكر الخلاف لكن باعتبار أن الخلاف هو قول الأقل، قول الأكثر عنده إجماع، فهو يذكر الخلاف في معنى آية أو في حكم من الأحكام يذكر قول الجمهور ثم يذكر القول المخالف وهم القلة ثم يقول: والصواب في ذلك عندنا قول كذا لإجماع كذا، فالإجماع عنده قول الأكثر وليس بقول الكل.

غالى بعض القائلين بهذا القول –أعني قبول المراسيل- حتى قدموا المرسل على المسند، واحتج لهذا القول بأن سكوت الراوي مع عدالته عن ذكر من روى عنه وعلمه أن روايته يترتب عليها شرع عام يقتضي الجزم بعدالة المسكوت عنه، فسكوته كإخباره بعدالته، منهم من يرى أن المرسل أقوى من المسند؛ لأن من أسند أحالك، ومن أرسل ضمن لك ما حدث، واحتج له بأن الغالب على أهل تلك القرون الصدق والعدالة بشهادة النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)).

<<  <  ج: ص:  >  >>