والطعن مصدر طعن يطعن طعناً وطعناناً ثلب بالقول السيئ، وفلان طعان: أي وقاع في أعراض الناس بالذم والغيبة ونحوهما، ومنه الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي بلفظ:((ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان، ولا الفاحش البذيء)) والمراد بالطعن هنا: جرح الراوي باللسان، والتكلم فيه من ناحية عدالته ودينه، ومن ناحية ضبطه وحفظه وتيقظه، هذا المراد بالطعن هنا، هل المراد بالطعن هنا الطعن بالسهام؟ نعم، لا، إنما الطعن هنا المراد به جرح الراوي باللسان لا بالسهام والسنان، وإن كانت حقيقة الطعن هي ما كان في جسده بالسنان، لكن المراد بالطعن هنا جرح الراوي باللسان والتكلم فيه من ناحية عدالته ودينه، ومن ناحية ضبطه وحفظه وتيقظه، والكلام في الرواة تجريح الرواة وتضعيفهم ليس من الغيبة المحرمة، بل هو أمر جائز بإجماع أهل العلم، فيما نقله النووي في رياض الصالحين وغيره قد أوجبه بعضهم، أوجبه بعض العلماء للحاجة إليه، ولا شك أنه مما لا يتم الواجب إلا به إذاً هو واجب، إذ به يعرف صحيح الحديث من ضعيفه، وإذا فتح الباب في هذا المجال من أجل حفظ السنة، فإن هذا لا يعني إطلاق عنان اللسان بجرح الرجال من غير حاجة، فإنما ذلك إنما جوز للضرورة الشرعية، ولهذا حكم العلماء بأنه لا يجوز الجرح بما فوق الحاجة، يقول السخاوي:"لا يجوز التجريح بشيئين إذا حصل المقصود بواحد"، إذا عرف ذلك فليس لكل شخص أن يجرح ويعدل، بل لا بد من توافر شروط اشترطها العلماء في الناقد للرجال والمتكلم فيهم، كالعلم والتقوى والورع والصدق، والتجنب عن التعصب، ومعرفة أسباب الجرح والتزكية، وسيأتي الكلام بالتفصيل عن هذه المسألة عند ذكر الحافظ -رحمه الله تعالى- لمبحث الجرح والتعديل.