نأتي إلى النحو، هل يوجد من العرب من قال: إن هذا فاعل وهذا مفعول؟ نعم، ما في من قال: هذا حال وهذا تمييز؟ ما في أحد قال هذا، لكنهم .. ، لكن العلماء الذين صنفوا في النحو فهموا من هذا اللفظ أنه يبين هيئة الفاعل فسموه حال، وأنه وقع منه الفعل فسموه فاعل، الأول سموه حال والثاني سموه فاعل، الثاني وقع عليه الفعل فسموه مفعول وهكذا، فهذه اصطلاحات، وأهل العلم يقررون ألا مشاحة في الاصطلاح، لا مشاحة في الاصطلاح، اللهم إلا إذا تضمن الاصطلاح مخالفة لما تقرر في أي علم من العلوم بحيث يحصل فيه الإيهام والتلبيس مثل هذا يمنع ويشاحح صاحبه، لو قال: أنا باصطلح لنفسي أن أسمي الشمال جنوب والجنوب شمال، نقول: لا، لا يا أخي ما يصلح، يُشاحح في اصطلاحه، نسمي المشرق مغرب والمغرب مشرق، نقول: لا، كيف تصنع بحديث:((بين المشرق والمغرب قبلة))؟ لو قال: أنا باصطلح لنفسي أألف في الجغرافيا وأقول: السماء تحت والأرض فوق، نقول: لا، لكن لو قال: أنا لا أغير من الواقع شيء الشمال شمال والجنوب جنوب، الشرق شرق والغرب غرب، لكن إذا رسمت الخارطة بدل الناس ما يحطون الشمال فوق بالخارطة أنا با قلبها، هذا ما يغير من الواقع شيء، نقول: اقلبها خلي الجنوب فوق ما يضر، لو قال: أنا أسمي جد الأولاد أبو الزوجة عم، نقول: سمه عم ما يخالف؛ لأنه ما يترتب عليه شيء، لو قال: أسميه خال، قلنا له: كذلك سميه ما شئت؛ لأنه ما يترتب عليه تغيير حكم، لكن لو قال: أنا با ألف في الفرائض وبا أسمي أخ الأب خال وأخ الأم عم، قلنا: لا، قف، يُشاحح في اصطلاحه؛ لأن هذا يغير الأحكام.
ولذا لما البغوي -رحمه الله- اصطلح في كتابه:(المصابيح)، وقسم أحاديثه إلى قسمين: الصحاح والحسان.
والبغوي إذ قسم المصابحا ... إلى الصحاح والحسان جانحا
أن الحسان ما رووه في السنن ... رد عليه إذا بها غير الحسن
يرد عليه، يشاحح؛ لأن السنن ما هي بكل أحاديث حسان فيها صحاح وفيها ضعاف، فيرد مثل هذا الاصطلاح.