الوجه الرابع من أوجه الطعن في الراوي: الغفلة، يقال: غفل الرجل عن الشيء يغفل غفولاً فهو غافل، ورجل مغفل لا فطنة له، وغفلت الشيء تغفيلاً إذا كتمته وسترته، وتغفلته عن كذا تخدعته عنه على غفلة منه، وفلان غفل لم تسمه التجارب، غفل، كثير ما يقولون: أن فلان غفل، نعم، إيش معنى غفل؟ لم تسمه التجارب، يعني ما استفاد من التجارب في الحياة، يقع في هذا الأمر ثم يقع فيه ثانية ثم ثالثة، ما يستفيد من تجارب الحياة، والاسم الغفلة والغفل والغفلان، والغُفل بالضم من لا يرجى خيره ولا يخشى شره، يعني إذا قالوا: فلان غفل، هذا موجود، ما هو مستعمل عندكم؟ ما يقولون: فلان غفل؟ مغفل وغفل، نعم، معناه لا يرجى خيره ولا يخشى شره.
واصطلاحاً: غيبة الشيء عن بال الإنسان، غيبة الشيء عن بال الإنسان وعدم تذكره له، كذا في المصباح، وعرفه الفيروز آبادي في البصائر: بأنه سهو يتعري عن قلة التحفظ والتيقظ، ولا بد من تقييد الغفلة بالكثرة، لأن مجرد الغفلة ليست سبباً للطعن لقلة من يعافيه الله منها، غالب الناس فيهم غفلة، لكن إذا كثرت هذه الغفلة لا بد أنها تجرح الراوي، وإن لم يؤاخذ عليها، لا يعني أنه راوٍ مجروح بمعنى أنه آثم، لا.
ذكر شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- للسهو والغفلة سبعة أسباب هي:
الاشتغال عن هذا الشأن بغيره، ككثير من أهل الزهد والعبادة، كثير من الناس ينصرف عن طلب الحديث فإذا روى حديثاً أخطأ فيه، الخلو عن معرفة هذا الشأن من الأصل ما يعرف الحديث، تكون بضاعة في الحديث مزجاة، الأول هو في الأصل من أهل الحديث لكنه انشغل عنه، الثاني في الأصل ليس من أهل الحديث، الخلو عن معرفة هذا الشأن، ولذا تجدون الأخطاء الكثيرة في الأحاديث التي يسوقها الغزالي في الإحياء لماذا؟ لأنه ليس من أهل هذا الشأن، بل بضاعته كما قال عن نفسه في الحديث مزجاة، التحديث من الحفظ، الذي يعتمد على الحفظ وحافظته أقل لا شك أن الحفظ يخونه، وليس كل أحد يضبط ما حفظ.