يوجد شخص بلغ السبعين من عمره وكان له صديق ناصح له، هذا الشخص الذي بلغ السبعين لا يقرأ –أمي- ولا يكتب، وأولاده أصغرهم من بلغ العشرين، فنصحه بأن يتزوج، وأن يحفظ جزأين من القرآن، قال: وما يدريك هؤلاء الأولاد يكبرون وينشغلون في أولادهم، والزوجة تهرم وتحتاج إلى من يعولها ويخدمها وتبقى أنت بدون خادم، فلو تزوجت وحفظت لك جزأين من القرآن فالذي حصل أنه تزوج ورزق بذرية من الصغار خدموه في آخر عمره، وحفظ جزأين فكف بصره فصار يردد هذين الجزأين، هذه نعمة كبيرة من الله -سبحانه وتعالى-، يعني لو كف وهو ما يحفظ شيء، أو بلغ التسعين وهو يحتاج إلى من يعوله وأولاده في أعمالهم ووظائفهم وأولادهم وأسرهم، وزوجته بجانبه تحتاج إلى من يعولها، فعلى الإنسان أن ينتبه لنفسه ويحتاط لها، ويقدم لآخرته، ولا شك أن الدنيا مدبرة، والآخرة مقبلة، وعلينا أن نكون من أبناء الآخرة لا من أبناء الدنيا، والله المستعان.
المراد بسوء الحفظ هنا: ما يقابل النسيان، وهو ضبط الشيء في النفس، وسوء الحفظ قلته ورداءته، وسيء الحفظ هو من لم يرجح جانب إصابته على جانب خطأه، فلا يقال لمن وقع له الخطأ مرة أو مرتين: إنه سيء الحفظ؛ لأن الإنسان ليس بمعصوم من الخطأ.
وقسم العلماء سوء الحفظ إلى قسمين: الأول: لازم غير منفك للراوي في جميع حالاته ومن غير أن يعرض له أي سبب، يعني من ولادته سيء الحفظ، والثاني: طارئ على الراوي إما لكبر سنه أو ذهاب بصره أو لاحتراق كتبه التي يعتمد عليها أو غير ذلك، وهذا القسم ما يسمى بالاختلاط، نعم، بعض الناس إذا حصل له أدنى مصيبة أصيب باختلال في حفظه، نسي، فمن فقد الدراهم بعض الناس فقد مبلغ من المال فاختلط، نسي كل اللي هو حافظ، وآخر نهق حمار فاختلط، وكثير من الناس وهو يقرأ القرآن فاتح المصحف بين يديه إذا حرك الباب نسي هل هو في آخر الصفحة أو في أولها؟ واقع إلا ما هو بواقع؟ هذا واقع مع الأسف، إذا حركت النعال وإلا كان المكيف قافل ثم اشتغل يضيع كل ما عمله، والله المستعان.
والاختلاط هو عدم انتظام القول كما في الحاوي في الطب، وسيأتي الكلام على حكم رواية سيء الحفظ بنوعيه: اللازم والطارئ حيث يذكره الحافظ -رحمه الله تعالى-.