الكتاب المذكور -المنهج المقترح- تناول بعض كتب المصطلح، فذكر المحدث الفاصل وأشاد به، ثم قال:"غير أنه فقير في باب أقسام الحديث وشرح مصطلحاته"، إذاً نحن بحاجة إلى تقسيم الحديث، ونحن بحاجة أيضاً إلى شرح مصطلحات هذا التقسيم، وهذا ما تولاه المتأخرون الذين انتقد كتبهم، "حيث لم يكن ذلك من أغراض مصنفه".
ثم ذكر كتاب الحاكم (معرفة علوم الحديث) وذكر أنه مختص بما كان أهمله الرامهرمزي من الاعتناء بمصطلح الحديث، وشرح معناه، وضرب الأمثلة له، وقد صار في ذلك كله على فهم أهل الحديث أنفسهم؛ لأن الحاكم يعلم أن غير أهل هذا العلم وغير أهل السنة، وغير المتبحر في صنعة الحديث وغير الفرسان نقاد الحديث لا يفقه هذا العلم كما كان يعبر الحاكم بذلك كثيراً، وعلى هذا المنهج نفسه في الأغلب صنف الحافظ أبو نعيم الأصبهاني مستخرجه على معرفة علوم الحديث للحاكم؛ لأن طبيعة المستخرجات تلزم بذلك.
ثم تحدث –أعني صاحب المنهج المقترح- عن الخطيب ومؤلفاته، ثم قال:"فهل سار الخطيب على المنهج السليم في شرح مصطلح الحديث؟ " يجيب عن ذلك الخطيب نفسه في مقدمة الكفاية في حين ذكر السبب في تصنيف الكتاب، قال:"وقد استفرغت طائفة من أهل زماننا وسعها في كتب الحديث والمثابرة على جمعه من غير أن يسلكوا مسلك المتقدمين، وينظروا نظر السلف الماضين في حال الراوي والمروي، وتمييز المرذول والمرضي ... " هذا هو المنهج النظري الذي قرره الخطيب في مقدمة كتابه.
يقول صاحب الكتاب:"إلا أنه لم ينجُ تماماً من أثر العلوم العقلية على علوم الحديث الذي توسع نطاقه في عصره فهو ابن عصره".
ثم تحدث عن أثر أصول الفقه في كتابه، ثم قال:"وهذا التأثر من الخطيب بأصول الفقه مع وضوحه" يقول: إن الخطيب تأثر بأصول الفقه، يعني ويريد أن يقرر أن كتب أصول الفقه تأثرت بكتب الكلام، علم الكلام، يقول:"وهذا التأثر من الخطيب بأصول الفقه مع وضوحه إلا أن إمامته في علم الحديث وعدم تعمق أثر أصول الفقه عليه جعل ذلك الأثر الأصولي على كتابه غير مخوف؛ لأنه أثر مفضوح لا يشتبه بعلوم الحديث ومسائله عند أهل الاصطلاح التي ملأ الخطيب غالب كتابه بها" كذا قال.