للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض الجهال من المنتسبين إلى المذاهب الأخرى من باب التنافس بعض المساكين يظن أنه لا يرتفع إلا بغمط الآخرين، وإمامه ومتبوعه لا يرتفع إلا إذا تنقص الآخرين هذا الكلام ليس بصحيح، مع الأسف الشديد نجد بعض طلاب العلم إذا سئل عن بعض الناس غمطه حقه، يظن بذلك أنه يرتفع هو، لا والله، بل العكس، يرتفع لو ذكر أخاه بما يدافع به عن عرضه، ويذب عنه وينزله منزلته من غير تنقص ولا إطراء، فإذا مدح أخاه ارتفع بذلك، أعني الأمر سهل إذا كان شخص يشجع النادي الفلاني وآخر يشجع النادي الفلاني ووقع هذا في هذا عادي النفوس مجبولة على هذا، لكن ممن ينتسب إلى العلم يضع الحديث في مثالب الإمام الفلاني لأنه خالف إمامه بمسائل، أو من باب المشادة والمشاحة، ونعرف أنه في هذا الباب يقع الإنسان في الخطأ في باب المفاضلة والمشاحة، ولذا جاء النهي عن التفضيل بين الأنبياء لما قال اليهودي: "والذي فضل موسى على البشر" فلطمه مسلم، فشكاه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((لا تفضلوا بين الأنبياء)) وقال في الحديث الآخر: ((لا تفضلوني على يونس بن متى)) هذا متى؟ هذا في باب المشادة والمشاحة لئلا يتطرق الطرف الثاني إلى تنقص الكامل، لكن إذا سلمت المسألة من المشاحة صارت من طرف واحد لا مانع من التفضيل وإنزال الناس منازلهم، أمرنا أن ننزل الناس منازلهم، {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [(٢٥٣) سورة البقرة] والله المستعان.

من الأسباب التي حملت الوضاعين على الوضع: الرغبة في التكسب والارتزاق كبعض القصاص الذين يتكسبون بالتحدث إلى الناس فيوردون بعض القصص المسلية والعجيبة حتى يستمع إليهم، حتى يستمع إليهم الناس ويعطوهم، وقد اشتهر بذلك جماعة منهم أبو سعيد المدائني.

الخامس: قصد الواضع التزلف إلى الخلفاء والنفاق لهم لتتسع لهم مجالسهم وتنفق سوقه عندهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>