يقول السراج البلقيني: إن لأئمة الحديث علامات يعرفون بها الموضوع، وشاهد ذلك أن إنساناً لو خدم إنساناً سنين وعرف ما يحب وما يكره فجاء إنسان وادعى أنه يكره شيئاً يعلم ذلك أنه يحبه فبمجرد سماعه يبادر إلى تكذيب من قال: إنه يكرهه، وعلى ضوء تلك المعرفة من قبل هؤلاء النقاد مع خشيتهم من التباس الأمر على من يأتي بعدهم، هبوا لوضع علامات يعرف بها الموضوع، ويميز بها بين الصحيح من غيره، من هذه العلامات وإن لم تكن علامة إلا أنها يعرف بها أن الخبر موضوع:
إقرار الواضع: بأن يقر الواضع أنه وضع الحديث بعينه، كإقرار عمر بن صبح بأنه وضع خطبة نسبها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إقرار الواضع، يعني إذا قال الواضع: إنه كذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- فوضع هذا الحديث، هل يكفي إقراره للحكم على الخبر بأنه موضوع؟ نقول: نعم يكفي إذا لم يعرف إلا من طريقه، نحكم عليه بأنه موضوع، إذا لم نعرفه إلا من طريقه، أما إذا ورد من طرق أخرى يثبت بها فلا.
ابن دقيق العيد قال:"وهذا" يعني إقرار الواضع يعني أن إقرار الواضع "كاف في تركه "وهذا -يعني إقرار الواضع- كاف في تركه، لكنه ليس بقاطع في كونه موضعاً لجواز أن يكون كاذباً في هذا الإقرار" كاذباً في هذا الإقرار، متى يتصور أنه كاذب؟ إذا أراد أن يفوت على الأمة العمل بهذا الخبر، فلو افترضنا أن جهمياً قال: أنا وضعت حديث ينسبه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يذم الجهمية، يذم به الجهمية، أو يذم به القدرية، لو قال معتزلي: إنه هو الذي وضع حديث: ((القدرية مجوس هذه الأمة)) يصدق؟ نعم؟