الأول: الاضطراب في السند وهو الأكثر، ومثاله: حديث أبي بكر -رضي الله عنه- أنه قال: يا رسول الله أراك شبت؟ قال:((شيبتني هود وأخواتها)) قال الدارقطني: "هذا حديث مضطرب فإنه لم يروَ إلا من طريق أبي إسحاق وقد اختلف فيه على نحو عشرة أوجه" فمنهم من رواه مرسلاً، ومنهم من رواه موصولاً، ومنهم من جعله من مسند أبي بكر، ومنهم من جعله من مسند سعد، ومنهم من جعله من مسند عائشة، ورواته ثقات لا يمكن ترجيح بعضهم على بعض، والجمع متعذر كما قرره الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث، فهذه الأوجه في سند هذا الحديث عشرة وهي مختلفة متساوية بحيث لا يمكن ترجيح بعضها على بعض، وقد لاح لبعضهم ترجيح بعض الطرق على بعض فانتفى الاضطراب عن الحديث.
ومثل ابن الصلاح لمضطرب السند بحديث الخط في السترة، قد روي على أوجه ذكرها ابن الصلاح وغيره، مع عدم تمكنه من ترجيح بعضها على بعض، لكن الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام نفى الاضطراب عن الحديث فقال:"لم يصب من زعم أنه مضطرب بل هو حديث حسن"، وعلى كل حال قد يخفى وجه الترجيح على بعض أهل العلم فيحكم بالاضطراب، ثم يلوح لآخر فينفي عنه الاضطراب.
الثاني: الاضطراب في المتن وهو نادر، ومثاله: حديث البسملة الذي خرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك: قال: "صليت خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بـ {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [(٢) سورة الفاتحة] ولا يذكرون {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [(١) سورة الفاتحة] في أول قراءة ولا في آخرها".