تحريف في السند كأن يجعل بشيراً ولهيعة بفتح أولهما بُشيراً بالتصغير ولُهيعة بضمهما، هذا تحريف، تحريف في المتن: ومثاله ما وقع لبعض الأعراب في حديث: " صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى عنزة" الذي مر آنفاً، فحرك العنزة وسكن النون وقال:"عنْزة" ثم روى الحديث بالمعنى على حسب وهمه، فقال:"كان النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا صلى نصبت بين يديه شاة" حرف، سكن النون، ثم روى الحديث بالمعنى صارت العنزة بدل ما هي عنزة صارت شاة، إذا وجد الراوي كلمة مصحفة أو محرفة في كتابه فهل يهجم على هذه الكلمة ويصححها؟ أو يبقيها كما هي خطأ ويقرأها خطأ ويشير إلى الصواب؟ اختلف العلماء فيما إذا وجد الراوي أو المحدث في سند حديث أو متنه تصحيفاً أو تحريفاً فهل له تصحيح هذا التصحيف أو ضبط التحريف؟ على قولين:
الأول: ذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك لا يجوز، بل يبقى كما هو إذا كان مكتوباً ذكره الخطيب عن عبد الله بن داود الخريبي، وذكره ابن الصلاح عن محمد بن سيرين، ولا شك أن هذا أحفظ للكتب، تبقى كما هي، تبقى كما أرادها مؤلفوها، يعني مو بخطأ من النساخ أو من الطابع، لا، خطأ من المؤلف نفسه، أما خطأ من النساخ يبين بمقابلة النسخ، خطأ من الطابع كذلك، يتبين بمراجعة الأصول، لكن إذا كان خطأ من المؤلف؟
القول الأول: أنه يبقى كما هو فلا يتعرض له لا بتصحيح ولا بضبط، يبقى كما هو، ولا شك أن هذا أحوط، نقله الخطيب عن عبد الله بن داود الخريبي، وابن الصلاح نقله عن محمد بن سيرين، وهذا من باب احتياط للكتب لئلا يهجم من ليس بأهل فيصحح فيقع في الخطأ، يظن أن هذا خطأ فيهجم عليه فيصححه فإذا حسمت المادة ما يصحح شيء خلاص، احتاط الناس للكتب.