وطريقه في السلامة من التصحيف الأخذ من أفواه أهل المعرفة والتحقيق والضبط، لا من بطون الكتب، ولذا يقولون:"من كان علمه من كتابه كان خطأه أكثر من صوابه" تجدون الأوهام الكثيرة فيمن يعتني بالكتب ولم يأخذ العلم من أفواه الرجال، أيضاً على طالب العلم أن يعتني بالكتب التي فيها الضبط، سواء كانت لألفاظ المتون أو الأسانيد يعتني بها، فإذا تحررت له كلمة مضبوطة بعد المراجعة يهتم بها ويودعها سويداء قلبه، ويكون هذا ديدنه أي كلمة يشك فيها يراجع، ثم لا يلبث أن يكون لديه رصيد من الكلمات المصححة المصوبة التي يقع فيها كثير من الناس خطأً.
هناك بعض الشروح تعتني بالضبط بدقة، والضبط أحياناً يضبطون بالشكل، وأحياناً يضبطون بالحرف، وأحياناً يضبطون بالضد، وأحياناً يضبطون بالنظير، بالشكل واضح، يضعون الفتحة والضمة إلى آخره، زيد. . . . . . . . . بفتح الزاي والياء ساكنة، يضبط، أحياناً يضبطون بالحرف فيقولون: عبيدة بفتح العين، أو يقولون: بفتح المهملة وكسر الموحدة، أحياناً يضبطون بالضد: حرام بن عثمان ضد الحلال، حرام بن عثمان ضد الحلال، أسد بن موسى بلفظ الحيوان المعروف، عياض بن حمار بلفظ الحيوان، الحكم بن عتيبة بتصغير
عتبة الدار، وهكذا هم يضبطون بهذه الطريقة، يضبطون بهذه الطرق، وهل يضبط كل الكلام؟ منهم من ذهب إلى ذلك، قال: يضبط بالشكل كل الكلام من أوله إلى آخره، حتى كلمة (قال) تضبط؛ لأنه لا يبعد أن يأتي من صغار المتعلمين من لا يحسن قراءتها، لكن هذا لا، هذا ليس بجيد وإن قيل به، لكن إنما يشكل المشكل، يشكل المشكل، الكلام المشكل هو الذي يضبط بالشكل، إيش معنى تضبط كلمة (زيد) بفتح الزاي وسكون الياء ومثناة التحتية؟ ما هو لازم، لا داعي لضبط (زيد) لأنه ما في أحد .. ، إيش بيقراه؟ كيف يقرأ غير زيد؟ لكن عبيدة اضبط؛ لأنه يأتي من يبي يقرأها على الجادة عُبيدة، ولذا المحرر عند أهل التحقيق أنه إنما يشكل المشكل.