على طالب العلم أن يتحرى ويتثبت، جاء الوعيد الشديد بالنسبة لتفسير القرآن بالرأي؛ لأنك إذا فسرت القرآن برأيك جزمت بأن هذا هو مراد الله -عز وجل- من كلامه، ومثله إذا جزمت بأن هذا معنى الحديث كأنك نسبت إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ما لم يرده، فهذا الباب حقيق بالتحري، جدير بالتوقي، فليتحرى خائضه وليتق الله -عز وجل- أن يقدم على تفسير كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- بمجرد الظنون، وكان السلف يتثبتون فيه أشد تثبت، فهذا الإمام أحمد إمام السنة سئل عن حرف منه فقال:"سلوا أصحاب الغريب"، الإمام أحمد -رحمه الله- يقول:"سلوا أصحاب الغريب، فإني أكره أن أتكلم في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالظن"، وسئل الأصمعي عن معنى حديث:((الجار أحق بصقبه)) فقال: "أنا لا أفسر حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن العرب تزعم أن الصقب اللزيق"، وإذا كان اللفظ مستعملاً بكثرة لكن في مدلوله دقة احتيج حينئذٍ إلى الكتب المصنفة في شرح معاني الآثار وبيان المشكل فيها، وقد صنف الأئمة في غريب الحديث كتب كثيرة جداً، كتب كثيرة جداً، عشرات من الكتب في غريب الحديث لأهميته، وغريب الحديث غريب الألفاظ يختلف تماماً عن الحديث الغريب الذي تقدم، وهو ما يتفرد بروايته راو واحد، وهنا المقصود به غريب الألفاظ، وهو ما يقع في المتن من لفظ غامض بعيد من الفهم قليل الاستعمال يحتاج إلى شرح، فإذا خفي معنى الحديث ووجد لفظة غريبة يقل استعمالها ودورانها احتيج إلى شرح الغريب من كلمات الحديث بواسطة الكتب المنصفة في الغريب.