للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:
فهرس الكتاب شرح نخبة الفكر (٩) "وقد يكون مقلا فلا يكثر الأخذ عنه، وصنفوا فيه الوحدان، أو لا يسمى اختصارا وفيه المبهمات، ولا يقبل المبهم ولو أبهم بلفظ التعديل على الأصح، فان سمي وانفرد واحد عنه فمجهول العين، أو اثنان فصاعدا ولم يوثق فمجهول الحال وهو المستور، ثم البدعة إما بمكفر أو بمفسق، فالأول لا يقبل صاحبها الجمهور، والثاني يقبل ما لم يكن داعيا إلى بدعته في الأصح، إلا إن روى ما يقوي بدعته فيرد على المختار، وبه صرح الجوزجاني شيخ النسائي، ثم سوء الحفظ إن كان لازما فهو الشاذ على رأى، أو طارئا فالمختلط، ومتى توبع سيء الحفظ بمعتبر وكذا المستور والمرسل والمدلس صار حديثهم حسنا لا لذاته بل بالمجموع، ثم الإسناد إما أن ينتهي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تصريحا أو حكما من قوله أو فعله أو تقريره، أو إلى الصحابي كذلك، وهو من لقي النبي -صلى الله عليه وسلم- مؤمنا به ومات على الإسلام ولو تخللت ردة في الأصح، أو إلى التابعي وهو من لقي الصحابي كذلك، فالأول المرفوع والثاني الموقوف والثالث المقطوع ومن دون التابعي فيه مثله .. "

ومثله إذا تعقب العالم كلام لشيخ الإسلام وغيره من الأئمة أو انتقد حكم في مذهب الإمام أحمد أو مذهب أبي حنيفة أو مالك ... ، لا يعني هذا أننا نتطاول على الأئمة أبداً، يقول: "وباقتفائنا واضح رسومهم تميزنا، وبسلوك سبيلهم عن الهمج تحيزنا" هذا إنصاف من الخطيب -رحمة الله عليه-، ثم ساق بسنده عن أبي عمرو بن العلاء: "ما نحن فيمن مضى إلا كبقل في أصول نخل طوال"، ثم قال: "ولما جعل الله تعالى في الخلق أعلاماً، ونصب لكل قوم إماماً لزم المهتدين بمبين أنوارهم، والقائمين بالحق في اقتفاء آثارهم، ممن رزق البحث والفهم، وإنعام النظر في العلم بيان ما أهملوا، وتسديد ما أغفلوا، إذ لم يكونوا معصومين من الزلل، ولا آمنين من مقارفة الخطأ والخطل، وذلك حق العالم على المتعلم، وواجب على التالي للمتقدم، وعسى أن يضح العذر لنا عند من وقف على كتابنا المصنف في تاريخ مدينة السلام، وأخبار محدثيها، وذكر قطانها العلماء من غير أهلها ووارديها، فإنا قد أوردنا فيه من مناقب البخاري وفضائله ما ينفي عنا الظنة في بابه، والتهمة في إصلاحنا بعض سقطات كتابه -إن شاء الله تعالى-".

يقول: من أراد أن ينظر إلى منزلة هذا الإمام عندي وأنا أتعقب كلامه لا يعني أني أتنقصه، من أراد أن ينظر إلى منزلة هذا الإمام عندي أنا فلينظر إلى ترجمة هذا الإمام في تاريخ بغداد للخطيب، له، ليتبين له أنه لا يتنقص هذا الإمام، أقول: نقلت هذا الكلام استطراداً لما فيه من توجيه، وفيه دروس تربوية لطلاب العلم من إمام حافظ كبير يعترف لأهل الفضل بفضلهم، قبل الخطيب صنف أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي كتاباً في بيان خطأ الإمام محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه، وسبق الخطيب إلى التصنيف في ذلك الحافظ عبد الغني بن سعيد، ثم تلاه أبو عبد الله محمد بن علي الصوري وهو من شيوخ الخطيب، نعم.

أحسن الله إليك: "وقد يكون مقلاً فلا يكثر الأخذ عنه، وصنفوا فيه الوحدان".

<<  <  ج: ص:  >  >>