ومثله إذا تعقب العالم كلام لشيخ الإسلام وغيره من الأئمة أو انتقد حكم في مذهب الإمام أحمد أو مذهب أبي حنيفة أو مالك ... ، لا يعني هذا أننا نتطاول على الأئمة أبداً، يقول:"وباقتفائنا واضح رسومهم تميزنا، وبسلوك سبيلهم عن الهمج تحيزنا" هذا إنصاف من الخطيب -رحمة الله عليه-، ثم ساق بسنده عن أبي عمرو بن العلاء:"ما نحن فيمن مضى إلا كبقل في أصول نخل طوال"، ثم قال:"ولما جعل الله تعالى في الخلق أعلاماً، ونصب لكل قوم إماماً لزم المهتدين بمبين أنوارهم، والقائمين بالحق في اقتفاء آثارهم، ممن رزق البحث والفهم، وإنعام النظر في العلم بيان ما أهملوا، وتسديد ما أغفلوا، إذ لم يكونوا معصومين من الزلل، ولا آمنين من مقارفة الخطأ والخطل، وذلك حق العالم على المتعلم، وواجب على التالي للمتقدم، وعسى أن يضح العذر لنا عند من وقف على كتابنا المصنف في تاريخ مدينة السلام، وأخبار محدثيها، وذكر قطانها العلماء من غير أهلها ووارديها، فإنا قد أوردنا فيه من مناقب البخاري وفضائله ما ينفي عنا الظنة في بابه، والتهمة في إصلاحنا بعض سقطات كتابه -إن شاء الله تعالى-".
يقول: من أراد أن ينظر إلى منزلة هذا الإمام عندي وأنا أتعقب كلامه لا يعني أني أتنقصه، من أراد أن ينظر إلى منزلة هذا الإمام عندي أنا فلينظر إلى ترجمة هذا الإمام في تاريخ بغداد للخطيب، له، ليتبين له أنه لا يتنقص هذا الإمام، أقول: نقلت هذا الكلام استطراداً لما فيه من توجيه، وفيه دروس تربوية لطلاب العلم من إمام حافظ كبير يعترف لأهل الفضل بفضلهم، قبل الخطيب صنف أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي كتاباً في بيان خطأ الإمام محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه، وسبق الخطيب إلى التصنيف في ذلك الحافظ عبد الغني بن سعيد، ثم تلاه أبو عبد الله محمد بن علي الصوري وهو من شيوخ الخطيب، نعم.
أحسن الله إليك:"وقد يكون مقلاً فلا يكثر الأخذ عنه، وصنفوا فيه الوحدان".