ومثال المرفوع من فعله تصريحاً ما نقله عنه الصحابة من رمله في الطواف، وسعيه الشديد في السعي، ومنه قول الصحابي:"كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مسته النار"، ومنه قول الصحابي أو غيره: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل كذا أو يترك كذا؛ لأن كلاً من فعله وتركه -عليه الصلاة والسلام- شرع يقتدى به فيه، ومثال المرفوع من التقرير تصريحاً كأن يقول الصحابي: فعلت أو فعل بحضرة النبي -صلى الله عليه وسلم- كذا، ولا يذكر إنكاره لذلك، ومنه قول الصحابي:"أكل الضب على مائدة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، خالد بن الوليد اجتر الضب فأكله والنبي -عليه الصلاة والسلام- ينظر إليه، فلم ينكر عليه، وهذا من تقريره -عليه الصلاة والسلام-، هذا إذا كانت الإضافة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- صريحة، أو تكون الإضافة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- حكماً لا صراحة، ومن ذلك قول الصحابي:"كنا نفعل كذا أو كنا نقول كذا في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، فقد قطع أبو عبد الله الحاكم وغيره من أهل الحديث أن ذلك من قبيل المرفوع، قال ابن الصلاح:"وبلغني عن أبي بكر البرقاني: أنه سأل أبا بكر الإسماعيلي عن ذلك فأنكر كونه من المرفوع"، والأول هو الذي عليه الاعتماد؛ لأن ظاهر ذلك مشعر بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اطلع على ذلك وقررهم عليه، وتقريره أحد وجوه السنن المرفوعة.
وقد استدل جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- على جواز العزل بأنهم كانوا يفعلونه والقرآن ينزل، ولو كان مما ينهى عنه لنهى عنه القرآن، هذا إذا أضاف الوقت إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أما إذا قال الصحابي: كنا نفعل كذا من غير إضافة إلى زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- فجزم ابن الصلاح بأنه من قبيل الموقوف، لكن ذهب العراقي وابن حجر والسيوطي إلى أنه مرفوع أيضاً، وهو اختيار النووي.