أبو بكر الإسماعيلي الإمام وأبو الحسن الكرخي خالفا في ذلك وقالا: إنه من قبيل الموقوف لاحتمال أن يكون الآمر والناهي غير الرسول -عليه الصلاة والسلام-، قال ابن الصلاح:"والأول هو الصحيح؛ لأن مطلق ذلك ينصرف إلى من إليه الآمر والنهي وهو الرسول -عليه الصلاة والسلام-"، إذا صرح الصحابي بالآمر والناهي فقال:"أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" لا شك أنه مرفوع صراحة، مرفوع صراحة قطعاً، لكن دلالته على الأمر والنهي هل هو مثل قوله: افعلوا، أو لا تفعلوا؟ هل قول الصحابي:"أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هو كتصريح النبي -عليه الصلاة والسلام- بقوله: افعلوا؟ يعني هل قول عائشة: أمرنا أن ننزل الناس منازلهم، أو أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ننزل الناس منازلهم، مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أنزلوا الناس منازلهم))؟ مثله وإلا لا؟ نعم، دلالته على الأمر والنهي خالف فيها داود الظاهري وبعض المتكلمين، أما الجماهير على أنه لا فرق بين أن يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: افعلوا، أو يقول الصحابي: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كلاهما من قبيل الأمر وهو دال على الوجوب، خالف في ذلك داود الظاهري وبعض المتكلمين، قالوا: لأن الصحابي قد يسمع كلام يظنه أمر وهو في الحقيقة ليس بأمر، وقد يسمع كلاماً يظنه نهياً وهو في الحقيقة ليس بنهي، لكن هذا الكلام مردود، هذا الكلام مردود؛ لأن الصحابة -رضوان الله عليهم-، إذا لم يعرفوا مدلولات الألفاظ الشرعية، من يعرفها بعدهم؟ لا أحد يعرف إذا كان الصحابة لا يعرفون الخطاب الشرعي، إذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أمرت)) ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) ((نهيت عن قتل المصلين)) فالآمر والناهي من؟ من؟ هو الله -سبحانه وتعالى-، فهو من قبيل الخبر الإلهي والقدسي.