قال ابن الصلاح:"وإذا قال الراوي عن التابعي: يرفع الحديث، أو يبلغ به، فذلك مرفوع أيضاً، ولكنه مما رفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فيكون له حكم المرسل"، فعلى هذا كل ما يضاف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير أو وصف فهو مرفوع، وزاد بعضهم الهم، لأنه -عليه الصلاة والسلام- لا يهم إلا بما يجوز له فعله، ((لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، وآمر رجالاً يحتطبون حطب فأخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم)) هذا مرفوع، هذا هَمٌ منه -عليه الصلاة والسلام-، والهم مرتبة من مراتب القصد بعد الخاطر والهاجس وحديث النفس الهم، وآخرها العزم كما هو معروف.
اشترط الخطيب البغدادي لتسمية الخبر مرفوعاً: أن يكون مما أضافه الصحابي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقط، فعلى هذا ما يضيفه التابعي فمن بعده إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يسمى مرفوعاً، ولفظه كما في الكفاية:"المرفوع ما أخبر فيه الصحابي عن قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو فعله"، لكن الحافظ ابن حجر توقف في كونه يشترط ذلك، يعني هل ما أضيف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا أضافه التابعي لا يسمى مرفوع؟ ذكروا عن الخطيب أنه يشترط ذلك، ولفظه في الكفاية يحتمل، لكن الحافظ ابن حجر توقف في كونه يشترط ذلك فإنه قال: يجوز أن يكون ذكر الخطيب للصحابي على سبيل المثال أو الغالب لكون غالب ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- هو من إضافة الصحابي، لا أنه ذكره على سبيل التقييد، فلا يخرج حينئذ عن الأول ويتأيد بكون الرفع إنما ينظر فيه إلى المتن دون الإسناد، المتن هل هو من قول الرسول؟ أضافه من أضافه مرفوع، ما دام من قول النبي -عليه الصلاة والسلام-، أما إذا كان من قول من دونه على ما سيأتي فإن كان من الصحابة فهو موقوف، وإلا فالمقطوع.
قال السخاوي:"وفيه نظر، وقد يطلق المرفوع ويراد به المتصل لا سيما عند مقابلته بالمرسل"، فإذا قيل: رفعه فلان وأرسله فلان، يعني أن أحدهما وصل إسناده والآخر قطعه، وحينئذٍ فهو رفع مخصوص، على أن ابن النفيس مشى على ظاهر هذا فقيد المرفوع بالاتصال.