لما فرغ -رحمه الله- من المرفوع والموقوف أردفه بالمقطوع فقال: أو تنتهي غاية الإسناد إلى التابعي، ثم عرف التابعي بقوله: هو من لقي الصحابي كذلك، أي كما تقدم في تعريف الصحابي، ولذا قال القاري في شرح النخبة:"التابعي هو من لقي الصحابي مؤمناً بالنبي -عليه الصلاة والسلام- ولو تخللت ردة في الأصح" كذا قال، لكن الحافظ نفسه قال:"هذا متعلق باللقي وما ذكر معه إلا قيد الإيمان به فذاك خاص بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو المختار".
يعني لو أن شخصاً لقي أحد الصحابة وهو غير مسلم ثم أسلم بعد ذلك ومات على الإسلام، لكنه لما لقي الصحابي لم يكن مسلماً هل يسمى تابعي أو لا؟ على كلام الحافظ يسمى تابعي، وواضح عبارته -أو ظاهر عبارته- وهو من لقي الصحابي كذلك، يعني بالقيود المذكورة، مؤمناً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي اليواقيت للمناوي:"ولا يلزم أن يكون مؤمناً حال ملاقاته للصحابي، بل لو كان كافراً ثم أسلم بعد موت الصحابي، وروى عنه سميناه تابعياً وقبلناه، ولا يشترط في التابعي طول الملازمة أو التمييز أو صحة السماع من الصحابي، قال الخطيب: "التابعي من صحب الصحابي".
قال ابن الصلاح: "ومطلقه مخصوص بالتابعي بإحسان"، ومطلقه مخصوص بالتابعي بإحسان، أما الذي يتبع الصحابة من دون إحسان، يتبع السلف من غير إحسان لا يستحق هذا الوصف، قال القاري: "والظاهر منه طول الملازمة إذ الاتباع بإحسان لا يكون بدونه"، واشترط ابن حبان: أن يكون رآه في سن من يحفظ عنه فإن كان صغيراً لم يحفظ عنه فلا عبرة برؤيته، كخلف بن خليفة فإنه لم يعده في التابعين وإن كان رأى عمر بن حريث لكونه صغيراً، قال ابن الصلاح: "وكلام الحاكم أبي عبد الله وغيره مشعر بأنه يكفي فيه أن يسمع من الصحابي أو يلقاه، وإن لم توجد الصحبة العرفية والاكتفاء في هذا لمجرد اللقاء والرؤية أقرب منه في الصحابي نظراً إلى مقتضى اللفظين فيهما"، يعني إذا لم نشترط طول الصحبة في الصحابي ولا الصحبة العرفية في الصحابي فلا تشترط في التابعي من باب أولى لما يقتضيه لفظ الصحبة.